الأحد، 21 مايو 2017

الروحانية جنة الله في الدنيا




الروحانية ذلك الشأن الفردي الخاص الذي نحن بحاجة ماسه اليه ولا يمكن ان يمنحه لنا انسان ذا سلطة اومال ..
هل الروحانية سلطة تفوق سلطة اصحاب النفوذ والمال اولئك المتحكمين بالبشر ومصائرهم بقراراتهم التي تزيدهم نفوذا وسطوة ؟
هل الروحانية عالم عميق وغزير لا يصل اليه الا الزهاد والربانيون الذين تفوق نسبة انشغالهم بالمشاعر السامية والعلاقة الاكبر نفوذا مع الله  على  اهتماماتهم بالماديات وترف الحياة ؟
واذا كانت الروحانية شفاء لكثير من العلل النفسية ومأسي الضعفاء فهل المساكين والضعفاء في تيه عن طريق الروحانية الذي سيحررهم ؟
هل بالروحانية ينتصر الانسان على ما يرهق احتماله في هذا العالم المتداخل بالمصالح والسيطرة والقرار ؟
وهل وهل وهل بل المزيد من الاسئلة التي يفتقد حضورها من هو بحاجة لها ,, فهل هناك رابط بين التساؤل والشعور بالروحانية ؟
السؤال الاخير كان مثار استقطاب لعقول المتابعين لحسابي على السناب شات فكانت الاجابات كالتالي:

 كلما زادت روحانية الشخص قلت رغبته بالجدال .. ثم طرح  المتابع هذا السؤال:  هل الشخص الروحاني واعي ؟ وهل الوعي يقود للروحانية ؟

 ومتابع اخر يعتقد ان التساؤل محله العقل للحصول على الاجابة اما الروحانية فهي في القلب ولكن عارضه متابع  اخر على هذه الاجابة فقال: ان التساؤل معرفة ويشعرك بالروحانية وهو مفتاح العلم وتحفيز الذهن كما ان شعور الروحانية يزداد بالتساؤل .. وفي نفس مدار الفكرة اجابت متابعة ان افكارها تزداد في الترابط بسبب التساؤل وهذا الترابط يعزز شعورها بالروحانية والطمأنينة حيث ختمت اجابتها : بمجرد ان تجد الجواب لتساؤل يقلقك فإن مكان ما بداخلك سيرتاح ..

 وهناك من اجاب ان اقرب مثال ونموذج  للروحانية والتساؤل هو الرسول صلى الله عليه وسلم وتساؤلاته التي طرحها على نفسه في غار حراء وجلوسه ليبحث ويتامل..

ثم أكدت احدى المتابعات على الاجابات السابقة كالتالي:  كنت استقي المعلومة الدينية كما هي واكررها قول وفعل بدون استشعار او تساؤل عن سبب الامر او الحث على فعله وكنت اشعر اني وحيدة ضعيفة بل كنت اشعر انني استمد قوتي من الخلق وقربهم لي اكثر من الخالق علما انني اقوم بالكثير من العبادات من ترديد الاذكار والاستغفار والصلاة ولكن منذ سنتين بدأت اقرأ وتغيرت نظرتي للأمور والان اشعر انني اقرب الى الله واكثر راحه وقوة وبالفعل بالتساؤل والقراءة فهمت جوهر الدين..


وعلى صعيد الاختلاف في الوصول الى الروحانية هناك اجابة تقول: الان اصبحت استشعر انه كلما زادت روحانيتي وعمق علاقتي وحبي الحقيقي لله كلما زادت تساؤلاتي وشغفي لمعرفته والتفكر في اوامره ونواهيه والحكمة منها وهذا يقودني لحب عظيم له وايمان انه واحد احد..

و من الاجابات المختصرة تلك التي تقول ان كلا التساؤل والروحانية يحملان الجمال والدهشة عندما نتوسع فيهما..

وعززتها هذا المضمون اجابة مختصرة اخرى : التساؤل يقود للروحانية..

وبطريقة تحليلية قد تبدو فلسفية اجابت احدى المتابعات: بأن الاسئلة مفتاح للاجوبة لأنها تصلنا بالعمق الذي يفتح لنا اجابات اكثر واكثر .. لا اعرف كيف اصف شعوري لكن اشعر اننا في مكان ما داخل اعماقنا جميعنا متصلين ببعض ومتصلين بالله لنصل الى السكينة والروحانية..



واعلق على ما تفضل به البعض من تأمل في السؤال وأبعاده بأن الاجابات حملت في طياتها المزيد من الاسئلة التي تبدو بوابة كبيرة وضخمة يحتاج اليها الناس ولا يتحدثون عنها الا قليلا فالروحانية ولفترة ليست بالبعيدة اعتقد البعض انها حكرا على المتدين الذي يُظهر تدينه بطريقة لافتة لمن يفكر في طرح سؤال ديني حيث ان بعض المتدينيين  يُكثر من سرد الادلة والبراهين الوعظية التى يقحمها في سياق حديثه احيانا ليقحم معها فكرته في عقل المتلقي الذي امامه والذي بدوره هو اما متفاعلا دون رغبة او مغيبا عن حريته الحقيقية التي يحركها السؤال الذي حرك الانبياء والرسل واهتماماتهم وهو اداة لتوسيع العقل ولغة حوار مع الله , حيث لكل حدث سبب ولكل رأي حكمة ..

لقد منح الله الانسان خيارات عدة في استكشاف العالم من حوله والوصول الى الله في نهاية المطاف .. لكن ازدحام الدنيا بالملذات واهمية الاستعانة بالفلاترالايمانية للتعايش مع التحديات جعلت الناس في كبد كما قالها الله عزوجل ( خلق الانسان في كبد) فهل كبد العيش حكرا على الالم والصعوبات ام هو تداخل الرغبات البشرية في كل ماهو امامها من الملذات التي بالرغم منها لا يشعرالانسان بالسعادة  مكتملة المذاق في اعماقه..

 لذلك تظل الروحانية هي الشفاء الذي لا بديل له وهي الوسيلة الاقوى للعلاقة بين الانسان وخالقه .. ولكل انسان رب يعبده ولكن ليس كل الارباب سواء فهل من يعبد غير الله يجد الروحانية ويعتقد بها ولكنه لا يستطيع اقناعنا بها ؟ هل وجد المسلمون فرصة كافية ليستشعرو ايمانهم بمعزل عن الوعظ المكثف او الماديات الجافة او سطوة ذو النفوذ والسلطة على وعيهم ؟ وهل التساؤل يقودنا الى الله ؟ وهل هو منهج حياة يتخذه المؤمنين بجدية ام ان هناك تعارض بين مصالح اصحاب النفوذ والسلطة على الارض وعلاقة البشر بربهم ؟ هل يريد هؤلاء اشغالك بعبادة قوتهم وسلطتهم ام ان اخلال العلاقة بينك وبين السؤال كفيلة بأن تعيقك عن الروحانية فتظل عبدا كادحا لهم ؟

التساؤل لا ينتهي في كل نفس بشرية طفلا كان ام كهلا .. الروحانية ليست منتجات للبيع والشراء بل هي هالات حقيقية للحرية التي تنبع من الخصوصية  بينك وبين الله وليس بالضرورة ان يعلم بها احد يكفي ان تستشعر الروحانية وتتشبث بها فأنت من خلالها بمعية الله في حالة نادرة وفريدة لا يمكن اختزالها بكلام او توجيهات تقيد حرية التساؤل لديك ..

قد نظن ان الحديث شارف على الانتهاء ولكنه في الحقيقة للتو بدأ في وعي كل قارئ ابى الا ان يتسأل عما قرأ ولكن في اعماقه ..


تحياتي

Irvine, California

الجمعة، 5 مايو 2017

اجندات شخصية في مجتمعنا



بطرح سؤال مثير ستحصل على اكثر مما تريد ..

وهذا ما حدث حين طرحت سؤال مثير للتفكير والتفاعل في حسابي على سناب شات . السؤال كالتالي:

لو غابت عنك مراقبة مجتمعك وقيوده ماهي اهم ثلاث افعال ستقدم على انجازها ؟

تصدرت الاجابات التالية معظم اراء المتابعات:

1- خلع النقاب
2- خلع الحجاب
3- خلع العباءة
4- السفر لوحدي
5- السكن لوحدي
6- التعرف على صداقات من الجنس الاخر بحدود معينة

بعد اعلان هذه النتائج على المتابعين وتعليقي على حرية التساؤل حول كل ماورد في قائمة الاجابات , اتت ردود الافعال مختلفة:

- هناك من انطلقن للذود عن الحجاب وانه ما لا يجب النقاش فيه ولا طرح اي سؤال حوله لاعتقادهن ان السؤال والحوار حوله هو اعلان عن نزعه ..

- هناك من اعترفو انه مورس في حقهم مصادرة طرح الاسئلة لاعتقاد ولاة امرهم انه بوابة للفساد ..

وحين علقت شخصيا ان الانسان من حقه ان يتسائل وهذا منهج قراني كانت ردود البعض على الخاص: 
 ان التساؤل لا يكون في امور محسومة شرعا وانما علينا التنفيذ بدون نقاش ..

هذه عينة لا تعكس حكم عام على المجتمع لكنها وصلتني عبر شريحة البعض منها تتصف انها لا تقرأ او لا تمارس القراءة بشكل مستمر ليرتفع منسوب الفلاتر الفكرية لديها بل هي تقرأ وفق متطلبات الحال الذي تعيشه ..

من الاجابات المميزة التي حصلت عليها كانت التالية :

( حينما قرأت السؤال ابتسمت وظننت انه خفيف لطيف ولكنني اكتشفت انه بقدر بساطة امنياتي وانها مباحة الا انني اتحسر في كوني اعيش بطريقة فرضتها علي اراء وقوالب اناس اخرين لا اعرفهم ولا يعرفوني ..)

من التعليقات الطريفة التي اخبرتني عنها احدى العقليات النيرة  فيما يتعلق بأهمية طرح الاسئلة واثارة التفكير والبحث عن الاجابات عبر القراءة وليست جاهزة من عقول تصدرها وفق اجنداتها الشخصية ..مايلي :

( الموضة الجديدة للكسالى تقول: لن اقرأ لأني اخاف على عقيدتي وديني ,, وهي في الواقع تخدع وتفضح نفسها بهذه المقولة لأنها تدل على جهل متأصل وهشاشة عقلها وضعف ثقتها بنفسها ووعيها ..) 

- وهناك فئة صاغت جوابها على هيئة رأي يؤمن ان القيود ليست مجتمعية بل هي الرقابة الذاتية لذلك هم لا يعتقدون ان المجتمع مقيد لحرياتهم .. ومن ذلك ما ذكرت طالبة دكتوراه من ان المجتمع لا يقيدها فهي لم تلزم نفسها بعلاقات اجتماعية متشعبة وتقوم بممارسة ما يسعدها وهي مثار تساؤل ممن حولها في نجاحها لما وصلت اليه رغم مسئوليات الامومة وهي تعزي ذلك الى انها اعطت نفسها حقها وتستفيد من وقتها وهو ليس للمجاملات اما الضابط لاختياراتها في حياتها هو الرقابة الذاتية وعلاقتها مع الله هي من تضع لها الحدود وليس المجتمع ..

لعلي هنا اطرح الاكثر تفاعلا وتباينا في الاجابات بشئ من التفصيل  وهي المجموعة التي اعترفت بوجود القيود ولديها اشبه ما يكون بأجندة شخصية خفية تطمح لتنفيذها فور غياب هذه القيود المجتمعية .. اليكم الامثلة :

- نساء يعتقدن ان النقاب والحجاب والعباءة هي قيود اجتماعية بل البعض وصفها بأنها قيد عن احتضان الحياة والعيش بعفوية , هي قيود عن ركوب الدراجة والاستمتاع بالهواء الطلق على حد تعبير احداهن ركوب الدراجة يحسسني بالحياة , الاستمتاع بالمشي والهرولة والجري بحرية وعفوية ..

- بالمقابل هناك رجال ايضا ارادو التحرر من ارتداء ملابس اظهار الهوية الخليجية مثل ( الشماغ والعقال ) وايدو ايضا رغبة النساء في الانطلاق بالدراجات بكل عفوية في الشوارع ..

- النساء المشاركات في الاجابة على السؤال ذكرن ايضا اهمية قيادة السيارة والبعض حددن المدن اللاتي يرغب في قيادة السيارة فيها..

- السفر والترحال لأكثر من دولة ايضا كان من الطموحات المدرجة في الاجندات الشخصية .. والسفر الفردي كان واضح المعالم هناك اكثر من امرأة ترغب في السفر لوحدها لتخلو مع نفسها بعيدا عن كل المؤثرات .. مصافحة المارة والغرباء بكل عفوية والتحدث معهم بدون توجس وخوف ..

- النساء ايضا يرغبن في العيش والسكن بمفردهن .. هناك اكثر من شخصية اكدت على رغبتها في الدراسة والعمل والسكن لوحدها..

- هناك من ذكرت رغبة دفينة لها ولازالت هاجسا ملحاً ان تعمل كعارضة ازياء وتعترف ان مواصفاتها الجسدية الان غير ملائمة لكن هذا الطموح لازال حاضر في اجندتها ..

- ومن السيدات المربيات من تنتظر زوال القيود والعيش بحرية هي وبناتها بلا ولي او ولاية والسفر للعالم .. وتعليم اطفالهن الجيتار والبيانو بل ان البعض لديهن طموح فتح معهد موسيقى في السعودية لو تحررت هي من القيود المجتمعية .. واخرى تعتقد ان ظهورها في برنامج تلفزيوني بالمظهر الذي يناسبها هو غير مناسب لمجتمعها حاليا لذلك هو طموح ينتظر التحقق في الوقت المناسب ..

- ومن الرجال من يطمح ان يصرح بما يجول في خاطره من افكار يرغب ان يتحدث بحرية وانطلاقة بلا قيود مجتمعية تعيق انطلاقتها ..

- هناك نساء ذكرن انهن بلا قيود مجتمعية سيعيشون بشخصياتهم الحقيقية لا المتوارية خلف النقاب ..

- ايضا هناك سيدة تشعر ان الجماعات الغير مسلمة لها حق حرية التعبد عبر بناء الكنائس في مجتمعها المقيد لحرية المعتقد ..

- وهناك امرأة تريد ان تفتتح مقهى خاص تديره بنفسها وجميع منتجاته من صناعتها وباشرافها الشخصي , وترغب في التواصل مع زبائنها بشكل مباشر لتقف على كل تفاصيل مشروعها وتفاعل الناس مع ما تصنعه بكل اريحية وعفوية ..

- هناك من ترغب في الغناء بصوت مسموع وبفرح .. واخرى ترغب في الدخول في علاقة عاطفية .. وثالثة ترغب في سماع الاغاني بدون شعور بالذنب ..

- التحرر لدى البعض وصف بأنه التخلص من القيود والاحكام ..

- وفي زاوية الرغبة في التخلص من الولي والولاية ذكرت احداهن ان سبب تلك الرغبة هو العيش بمفردها بشكل مستقل والسفر للدراسة والارتباط بشخص من جنسية مختلفة تم رفضه من قبل اهلها على الرغم من انه شخص مناسب بالنسبة لها ..

ويبقى سؤال اخير : هل نحن مُقيدين بالمجتمع او نحن المُقيدين للمجتمع ؟

تحياتي
لبنى



الجمعة، 28 أبريل 2017

هل النزاهة قيمة ام قانون ؟







 اليوم اطرح في هذه التدوينة بعض الاسئلة التي يمكن الاجابة عنها بكلمات معدودة او قد تكون مثار جدل طويل هذا يعود لهدف القارئ والمتأمل في السطور وما بينها ووعيه , مستوى ثقافته وشعوره بالمسئولية تجاه ذاته وايضا تجاه مجتمعه .. 

اليكم الاسئلة :
ماهو تعريف القيمة ؟
وكيف تطبق القيم في حياة الافراد والمجتمعات ؟

ماهو تعريف القانون ؟
وكيف يتم تطبيق القانون لحماية حقوق الافراد والمجتمعات ؟

ماهو اثر وجود وتطبيق القيم والقوانين على حياة الافراد والمجتمعات ؟

بداية ماهو تعريف القيمة ؟

نُعرّف القيمة بأنها عبارة عن فكرة او شأن يستحق الاهتمام من الفرد ويؤثر على وقته ونشاطاته في تفاصيل حياته سواء تأثير خفي او ملحوظ ..

القيم متعددة ومتنوعة لا يمكن حصرها في مجال واحد او انتاج واحد ,, يتعلمها الانسان في طفولته من اقرب المؤثرين عليه , الوالدين والاقرباء ثم المدرسة والاصدقاء الى ان تتسع امكانية التأثر من افراد ومجموعات مختلفة من المجتمع , بل قد يصل التأثر الى الانفتاح على تعلّم قيم خارجه عن نظام وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ..

هناك قيم جيدة ومهمة وهناك نتائج سلبية اذا لم يتم تبني وتطبيق القيم الجيدة بشكل صحيح , بمعنى ليس صحيحا ان هناك قيم سلبية تقابل القيم الايجابية, ولكن سوء تطبيق القيم الجيدة يؤدي الى ناتج سلبي غير صحيح..

امثلة على القيم الجيدة : العدل – الصدق – الامانة وغيرها

اذا لم تتحقق قيمة العدل النتيجة تكون الظلم والظلم هنا ليس قيمة بل نتيجة لتطبيق خاطئ لقيمة جيدة ولو اعتبرنا جدلاً ان الظلم قيمة فلا يوجد شخص سويّ يرغب في ان يكون مُشرعاً ومُطبقا للظلم على الاخرين او بأن يسمح ان يُطبق عليه الظلم لذلك الظلم ليس قيمة بل نتج بسبب التطبيق الخاطئ لقيمة جيدة ..

مثال اخر اذا لم تتحقق قيمة الصدق النتيجة تكون الكذب , الاحتيال , الخداع والنصب .. فالمحتال لا يعتقد ابداً بأنه يمارس امر خاطئ بل هو يعتقد انه يتميز بالذكاء والذكاء صفة لا قيمة تضبط نوايا البشر ورغباتهم..

مثال ثالث اذا لم تتحقق قيمة الامانة النتيجة تكون هي الخيانة .. وهكذا مع بقية القيم الجيدة التي ينتج عن تطبيقها مخرجات سلبية ..

لننتقل الى القانون ماهو تعريف القانون ؟

القانون هو نظام يحوي مجموعة من المبادئ تقوم جهات معينة مسئولة عن افراد وحقوقهم في اطار معين بالتخطيط لوضعها بحيث تُدوّن بشكل واضح ومحدد مع ضرورة متابعة تنفيذ هذه المبادئ وفقا لتحقيق الهدف الاساسي من وجودها والهدف من هذه المتابعة هو التأكد من جودة وصلاحية هذه المبادئ ومخرجاتها عمليا ,, والهدف من وجود هذه القوانين هي ضبط وتنظيم الحراك الانساني والاجرائي في هذه المنظومة بشكل يضمن حفظ حقوق الجميع ..

ولعل من امثلة واضعي القوانين والمؤسسين لها الحكومات , الادارات العليا للشركات والمؤسسات وكذلك اهم لبنة في خارطة القوانين وهي الاسرة والتي لها مبادئها الخاصة وكل المبادئ تطبق بهوية تعرف بها وهي القوانين ..

كيف يتم تطبيق القوانين في حياة الافراد والمجتمعات ؟

القوانين تشبه القيم في تطبيقها فهي تمر بخطوات متسلسلة تؤسس لما بعدها بوضوح وتحتاج الى تحديث وتطوير مستمر وفقا لمستجدات ومتغيرات تمر فيها هذه المنظومات سواء كانت الحكومات , الشركات او الأسرة..

ايضا من اوجه الشبه بين القيم والقوانين انها اذا لم تطبق بشكل صحيح ستنتج عنها اثار سلبية تؤثر على اهداف الحكومة او الشركة او الجهة المسئولة عن وضع هذه القوانين ولعل اهم سبب يخل بجودة القوانين ان لا يتم تحديثها وتطويرها بالتالي قد يؤدي احيانا تطبيقها لنتائج جيدة نظريا وفقا للخط العام لمن سن القوانين لكنها على الواقع احدثت خلل يحتاج الى معالجة فورية جادة حتى لا يتحول القانون الى قيد يعمل على تنمية وتراكم اخطاء تستهلك وقت وامكانات من سن هذه القوانين لتحقيق الاهداف الجيدة للمنظمة .. اذا لم يطبق القانون بشكل صحيح سيتبع ذلك عقوبات والهدف من العقوبات هو اعادة المقصر الى طريق الصواب لتحقيق الاهداف العامة للمنظمة والتساهل في ذلك يؤدي الى فساد النظام المعمول به ..

السؤال الاهم ماهو اثر تطبيق القيم والقوانين على حياة الافراد والمجتمعات ؟

القيم تأثيرها مباشر على حياة الافراد لمن يملك نظرة فاحصة لمنظومة القيم ولديه اهتمامات عميقة فيها وقد يكون تأثيرها ايضا بشكل تراكمي لأن له مساس بأخلاق الناس وتعاملاتهم  التى تنحت معالم حياتهم اليومية وتؤثر في قراراتهم الشخصية ..

بينما القوانين هي المتحكمة بمصالح متداخلة بين المنظمة المُشرعة للقوانين وعلاقاتها مع اكثر من جهة معنية تجمعهم بها اهداف مشتركة ,, فعلى سبيل المثال التربوي اهم المصالح في الأسرة هي بين الوالدين والابناء والتي يدوم اثرها بعمر العلاقات الممتدة بينهم وبقائهم على قيد الحياة..  

ايضا مصالح الشركات مع موظفيها تعتبرمصيرية وفي صلب واقع ومستقبل المنظمة فالموظفين في هذه المنظمات هم اهم عنصر يستطيع ان يدفع بالمنظمة الى النجاح او الفشل..

كذلك الحكومات اهم المصالح تجمعها داخليا مع شعوبها اذا لم تطبق القوانين بشكل يكفل للجميع حقوقه تؤدي الى نتائج سلبية ليست في مصالح الحكومات ولا الافراد ..

اما التحايل على القوانين يحدث في كل مكان وزمان وهو نتيجة خلل في فهم وتطبيق القوانين كما تجب في كل منظومة يجتمع فيها افراد يُفترض انهم يشتركون في قيم واضحة ومحددة مفهومة لمن سن القوانين ولمن ينفذها ويراجعها ..

ولعلنا نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) حيث المسئولية في الرعاية تشمل وضع القوانين وتطبيقها بالعدل على كل من ينتسب وله حق مُوثّق في هذه المنظمة ..

وبلا شك مجتمعاتنا تدين بالدين الاسلامي ولديها معتقد قوي بوجود حياة اخروية ستحوي حسابات ومكاشفات لا تُسقط حقوق البشر الا برحمة من الله فإننا نؤمن بأنه سيكون هناك محاسبة دنيوية واخروية فمن استطاع التحايل على القانون في الدنيا لن يستطيع التحايل على من خلق الكون بالسنن والقوانين الكونية ففي الاخرة لا يوجد مفر لأنها المستقبل الاخير لكل البشر الا برحمة الله اولا واخيرا..

يمكن اختصار هذا الجزء بان القيم مرتبطة بمكونات الشخصية التي يتم نحتها وتوجيه معالمها من المحيط الذي يكتسب الانسان منه بدايات خبراته في الحياة  بكل مافيه من اختلاف وتنوع وتتحكم بتصرفاته واختياراته ولعل من اهمها الاديان التي يستمد الانسان منها حكمته واسلوب تفكيره وقناعاته واخلاقه ..

اما القوانين فهي غالبا يتم تصميمها وفقا لاهداف ومصالح محددة تسعى المنظمات والحكومات لتحقيقها على ارض الواقع وما يترتب عليها من مكاسب متعددة اقتصادية واجتماعية تنموية وتوقعات ايضا بخسائر تنتج عن خلل حقيقي في اداء المنظومة ..

هذا يقودنا لسؤال مهم هل يوجد تداخل بين القيم القوانين ؟

الحقيقة نعم هذا امر مثير للنقاش كثير لان من يسن القوانين ومن ينفذها ومن يراجعها كل هؤلاء بشر لديهم مسبقا قيمهم الشخصية التي تؤثر بشكل ملحوظ او غير مباشر في اداء المنظمات اضافة الى القيم التي تدرجها هذه المنظمات والشراكات في تأسيس انظمتها العملية والتي تسعى الى  تحقيق اهدافها عبر اداء البشر والذين هم ايضا ليسو بمعزل عن التنوع والاختلاف في الظروف التي تتجدد في حياتهم اليومية ..

ونذكّر ان تطبيق القوانين يجب ان يكفل حقوق الافراد في المنظومة التى هم من يُشكلها ويُؤسس لوجودها واي خلل في تطبيق هذه القوانين يحدث مشكلة حقيقية قد تؤدي الى التأثير سلبا على القيم الفردية وبالتالي تتعدد جهات الخلل فبدلا ان يكون خلل في القوانين فقط نجدها امتدت الى خلل في القيم ..

وختاما اطرح مجددا السؤال هل النزاهة قيمة ام قانون ؟


انتهى 

ايرفاين- كاليفورنيا