الجمعة، 28 أبريل 2017

هل النزاهة قيمة ام قانون ؟







 اليوم اطرح في هذه التدوينة بعض الاسئلة التي يمكن الاجابة عنها بكلمات معدودة او قد تكون مثار جدل طويل هذا يعود لهدف القارئ والمتأمل في السطور وما بينها ووعيه , مستوى ثقافته وشعوره بالمسئولية تجاه ذاته وايضا تجاه مجتمعه .. 

اليكم الاسئلة :
ماهو تعريف القيمة ؟
وكيف تطبق القيم في حياة الافراد والمجتمعات ؟

ماهو تعريف القانون ؟
وكيف يتم تطبيق القانون لحماية حقوق الافراد والمجتمعات ؟

ماهو اثر وجود وتطبيق القيم والقوانين على حياة الافراد والمجتمعات ؟

بداية ماهو تعريف القيمة ؟

نُعرّف القيمة بأنها عبارة عن فكرة او شأن يستحق الاهتمام من الفرد ويؤثر على وقته ونشاطاته في تفاصيل حياته سواء تأثير خفي او ملحوظ ..

القيم متعددة ومتنوعة لا يمكن حصرها في مجال واحد او انتاج واحد ,, يتعلمها الانسان في طفولته من اقرب المؤثرين عليه , الوالدين والاقرباء ثم المدرسة والاصدقاء الى ان تتسع امكانية التأثر من افراد ومجموعات مختلفة من المجتمع , بل قد يصل التأثر الى الانفتاح على تعلّم قيم خارجه عن نظام وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ..

هناك قيم جيدة ومهمة وهناك نتائج سلبية اذا لم يتم تبني وتطبيق القيم الجيدة بشكل صحيح , بمعنى ليس صحيحا ان هناك قيم سلبية تقابل القيم الايجابية, ولكن سوء تطبيق القيم الجيدة يؤدي الى ناتج سلبي غير صحيح..

امثلة على القيم الجيدة : العدل – الصدق – الامانة وغيرها

اذا لم تتحقق قيمة العدل النتيجة تكون الظلم والظلم هنا ليس قيمة بل نتيجة لتطبيق خاطئ لقيمة جيدة ولو اعتبرنا جدلاً ان الظلم قيمة فلا يوجد شخص سويّ يرغب في ان يكون مُشرعاً ومُطبقا للظلم على الاخرين او بأن يسمح ان يُطبق عليه الظلم لذلك الظلم ليس قيمة بل نتج بسبب التطبيق الخاطئ لقيمة جيدة ..

مثال اخر اذا لم تتحقق قيمة الصدق النتيجة تكون الكذب , الاحتيال , الخداع والنصب .. فالمحتال لا يعتقد ابداً بأنه يمارس امر خاطئ بل هو يعتقد انه يتميز بالذكاء والذكاء صفة لا قيمة تضبط نوايا البشر ورغباتهم..

مثال ثالث اذا لم تتحقق قيمة الامانة النتيجة تكون هي الخيانة .. وهكذا مع بقية القيم الجيدة التي ينتج عن تطبيقها مخرجات سلبية ..

لننتقل الى القانون ماهو تعريف القانون ؟

القانون هو نظام يحوي مجموعة من المبادئ تقوم جهات معينة مسئولة عن افراد وحقوقهم في اطار معين بالتخطيط لوضعها بحيث تُدوّن بشكل واضح ومحدد مع ضرورة متابعة تنفيذ هذه المبادئ وفقا لتحقيق الهدف الاساسي من وجودها والهدف من هذه المتابعة هو التأكد من جودة وصلاحية هذه المبادئ ومخرجاتها عمليا ,, والهدف من وجود هذه القوانين هي ضبط وتنظيم الحراك الانساني والاجرائي في هذه المنظومة بشكل يضمن حفظ حقوق الجميع ..

ولعل من امثلة واضعي القوانين والمؤسسين لها الحكومات , الادارات العليا للشركات والمؤسسات وكذلك اهم لبنة في خارطة القوانين وهي الاسرة والتي لها مبادئها الخاصة وكل المبادئ تطبق بهوية تعرف بها وهي القوانين ..

كيف يتم تطبيق القوانين في حياة الافراد والمجتمعات ؟

القوانين تشبه القيم في تطبيقها فهي تمر بخطوات متسلسلة تؤسس لما بعدها بوضوح وتحتاج الى تحديث وتطوير مستمر وفقا لمستجدات ومتغيرات تمر فيها هذه المنظومات سواء كانت الحكومات , الشركات او الأسرة..

ايضا من اوجه الشبه بين القيم والقوانين انها اذا لم تطبق بشكل صحيح ستنتج عنها اثار سلبية تؤثر على اهداف الحكومة او الشركة او الجهة المسئولة عن وضع هذه القوانين ولعل اهم سبب يخل بجودة القوانين ان لا يتم تحديثها وتطويرها بالتالي قد يؤدي احيانا تطبيقها لنتائج جيدة نظريا وفقا للخط العام لمن سن القوانين لكنها على الواقع احدثت خلل يحتاج الى معالجة فورية جادة حتى لا يتحول القانون الى قيد يعمل على تنمية وتراكم اخطاء تستهلك وقت وامكانات من سن هذه القوانين لتحقيق الاهداف الجيدة للمنظمة .. اذا لم يطبق القانون بشكل صحيح سيتبع ذلك عقوبات والهدف من العقوبات هو اعادة المقصر الى طريق الصواب لتحقيق الاهداف العامة للمنظمة والتساهل في ذلك يؤدي الى فساد النظام المعمول به ..

السؤال الاهم ماهو اثر تطبيق القيم والقوانين على حياة الافراد والمجتمعات ؟

القيم تأثيرها مباشر على حياة الافراد لمن يملك نظرة فاحصة لمنظومة القيم ولديه اهتمامات عميقة فيها وقد يكون تأثيرها ايضا بشكل تراكمي لأن له مساس بأخلاق الناس وتعاملاتهم  التى تنحت معالم حياتهم اليومية وتؤثر في قراراتهم الشخصية ..

بينما القوانين هي المتحكمة بمصالح متداخلة بين المنظمة المُشرعة للقوانين وعلاقاتها مع اكثر من جهة معنية تجمعهم بها اهداف مشتركة ,, فعلى سبيل المثال التربوي اهم المصالح في الأسرة هي بين الوالدين والابناء والتي يدوم اثرها بعمر العلاقات الممتدة بينهم وبقائهم على قيد الحياة..  

ايضا مصالح الشركات مع موظفيها تعتبرمصيرية وفي صلب واقع ومستقبل المنظمة فالموظفين في هذه المنظمات هم اهم عنصر يستطيع ان يدفع بالمنظمة الى النجاح او الفشل..

كذلك الحكومات اهم المصالح تجمعها داخليا مع شعوبها اذا لم تطبق القوانين بشكل يكفل للجميع حقوقه تؤدي الى نتائج سلبية ليست في مصالح الحكومات ولا الافراد ..

اما التحايل على القوانين يحدث في كل مكان وزمان وهو نتيجة خلل في فهم وتطبيق القوانين كما تجب في كل منظومة يجتمع فيها افراد يُفترض انهم يشتركون في قيم واضحة ومحددة مفهومة لمن سن القوانين ولمن ينفذها ويراجعها ..

ولعلنا نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) حيث المسئولية في الرعاية تشمل وضع القوانين وتطبيقها بالعدل على كل من ينتسب وله حق مُوثّق في هذه المنظمة ..

وبلا شك مجتمعاتنا تدين بالدين الاسلامي ولديها معتقد قوي بوجود حياة اخروية ستحوي حسابات ومكاشفات لا تُسقط حقوق البشر الا برحمة من الله فإننا نؤمن بأنه سيكون هناك محاسبة دنيوية واخروية فمن استطاع التحايل على القانون في الدنيا لن يستطيع التحايل على من خلق الكون بالسنن والقوانين الكونية ففي الاخرة لا يوجد مفر لأنها المستقبل الاخير لكل البشر الا برحمة الله اولا واخيرا..

يمكن اختصار هذا الجزء بان القيم مرتبطة بمكونات الشخصية التي يتم نحتها وتوجيه معالمها من المحيط الذي يكتسب الانسان منه بدايات خبراته في الحياة  بكل مافيه من اختلاف وتنوع وتتحكم بتصرفاته واختياراته ولعل من اهمها الاديان التي يستمد الانسان منها حكمته واسلوب تفكيره وقناعاته واخلاقه ..

اما القوانين فهي غالبا يتم تصميمها وفقا لاهداف ومصالح محددة تسعى المنظمات والحكومات لتحقيقها على ارض الواقع وما يترتب عليها من مكاسب متعددة اقتصادية واجتماعية تنموية وتوقعات ايضا بخسائر تنتج عن خلل حقيقي في اداء المنظومة ..

هذا يقودنا لسؤال مهم هل يوجد تداخل بين القيم القوانين ؟

الحقيقة نعم هذا امر مثير للنقاش كثير لان من يسن القوانين ومن ينفذها ومن يراجعها كل هؤلاء بشر لديهم مسبقا قيمهم الشخصية التي تؤثر بشكل ملحوظ او غير مباشر في اداء المنظمات اضافة الى القيم التي تدرجها هذه المنظمات والشراكات في تأسيس انظمتها العملية والتي تسعى الى  تحقيق اهدافها عبر اداء البشر والذين هم ايضا ليسو بمعزل عن التنوع والاختلاف في الظروف التي تتجدد في حياتهم اليومية ..

ونذكّر ان تطبيق القوانين يجب ان يكفل حقوق الافراد في المنظومة التى هم من يُشكلها ويُؤسس لوجودها واي خلل في تطبيق هذه القوانين يحدث مشكلة حقيقية قد تؤدي الى التأثير سلبا على القيم الفردية وبالتالي تتعدد جهات الخلل فبدلا ان يكون خلل في القوانين فقط نجدها امتدت الى خلل في القيم ..

وختاما اطرح مجددا السؤال هل النزاهة قيمة ام قانون ؟


انتهى 

ايرفاين- كاليفورنيا