الأحد، 21 مايو 2017

الروحانية جنة الله في الدنيا




الروحانية ذلك الشأن الفردي الخاص الذي نحن بحاجة ماسه اليه ولا يمكن ان يمنحه لنا انسان ذا سلطة اومال ..
هل الروحانية سلطة تفوق سلطة اصحاب النفوذ والمال اولئك المتحكمين بالبشر ومصائرهم بقراراتهم التي تزيدهم نفوذا وسطوة ؟
هل الروحانية عالم عميق وغزير لا يصل اليه الا الزهاد والربانيون الذين تفوق نسبة انشغالهم بالمشاعر السامية والعلاقة الاكبر نفوذا مع الله  على  اهتماماتهم بالماديات وترف الحياة ؟
واذا كانت الروحانية شفاء لكثير من العلل النفسية ومأسي الضعفاء فهل المساكين والضعفاء في تيه عن طريق الروحانية الذي سيحررهم ؟
هل بالروحانية ينتصر الانسان على ما يرهق احتماله في هذا العالم المتداخل بالمصالح والسيطرة والقرار ؟
وهل وهل وهل بل المزيد من الاسئلة التي يفتقد حضورها من هو بحاجة لها ,, فهل هناك رابط بين التساؤل والشعور بالروحانية ؟
السؤال الاخير كان مثار استقطاب لعقول المتابعين لحسابي على السناب شات فكانت الاجابات كالتالي:

 كلما زادت روحانية الشخص قلت رغبته بالجدال .. ثم طرح  المتابع هذا السؤال:  هل الشخص الروحاني واعي ؟ وهل الوعي يقود للروحانية ؟

 ومتابع اخر يعتقد ان التساؤل محله العقل للحصول على الاجابة اما الروحانية فهي في القلب ولكن عارضه متابع  اخر على هذه الاجابة فقال: ان التساؤل معرفة ويشعرك بالروحانية وهو مفتاح العلم وتحفيز الذهن كما ان شعور الروحانية يزداد بالتساؤل .. وفي نفس مدار الفكرة اجابت متابعة ان افكارها تزداد في الترابط بسبب التساؤل وهذا الترابط يعزز شعورها بالروحانية والطمأنينة حيث ختمت اجابتها : بمجرد ان تجد الجواب لتساؤل يقلقك فإن مكان ما بداخلك سيرتاح ..

 وهناك من اجاب ان اقرب مثال ونموذج  للروحانية والتساؤل هو الرسول صلى الله عليه وسلم وتساؤلاته التي طرحها على نفسه في غار حراء وجلوسه ليبحث ويتامل..

ثم أكدت احدى المتابعات على الاجابات السابقة كالتالي:  كنت استقي المعلومة الدينية كما هي واكررها قول وفعل بدون استشعار او تساؤل عن سبب الامر او الحث على فعله وكنت اشعر اني وحيدة ضعيفة بل كنت اشعر انني استمد قوتي من الخلق وقربهم لي اكثر من الخالق علما انني اقوم بالكثير من العبادات من ترديد الاذكار والاستغفار والصلاة ولكن منذ سنتين بدأت اقرأ وتغيرت نظرتي للأمور والان اشعر انني اقرب الى الله واكثر راحه وقوة وبالفعل بالتساؤل والقراءة فهمت جوهر الدين..


وعلى صعيد الاختلاف في الوصول الى الروحانية هناك اجابة تقول: الان اصبحت استشعر انه كلما زادت روحانيتي وعمق علاقتي وحبي الحقيقي لله كلما زادت تساؤلاتي وشغفي لمعرفته والتفكر في اوامره ونواهيه والحكمة منها وهذا يقودني لحب عظيم له وايمان انه واحد احد..

و من الاجابات المختصرة تلك التي تقول ان كلا التساؤل والروحانية يحملان الجمال والدهشة عندما نتوسع فيهما..

وعززتها هذا المضمون اجابة مختصرة اخرى : التساؤل يقود للروحانية..

وبطريقة تحليلية قد تبدو فلسفية اجابت احدى المتابعات: بأن الاسئلة مفتاح للاجوبة لأنها تصلنا بالعمق الذي يفتح لنا اجابات اكثر واكثر .. لا اعرف كيف اصف شعوري لكن اشعر اننا في مكان ما داخل اعماقنا جميعنا متصلين ببعض ومتصلين بالله لنصل الى السكينة والروحانية..



واعلق على ما تفضل به البعض من تأمل في السؤال وأبعاده بأن الاجابات حملت في طياتها المزيد من الاسئلة التي تبدو بوابة كبيرة وضخمة يحتاج اليها الناس ولا يتحدثون عنها الا قليلا فالروحانية ولفترة ليست بالبعيدة اعتقد البعض انها حكرا على المتدين الذي يُظهر تدينه بطريقة لافتة لمن يفكر في طرح سؤال ديني حيث ان بعض المتدينيين  يُكثر من سرد الادلة والبراهين الوعظية التى يقحمها في سياق حديثه احيانا ليقحم معها فكرته في عقل المتلقي الذي امامه والذي بدوره هو اما متفاعلا دون رغبة او مغيبا عن حريته الحقيقية التي يحركها السؤال الذي حرك الانبياء والرسل واهتماماتهم وهو اداة لتوسيع العقل ولغة حوار مع الله , حيث لكل حدث سبب ولكل رأي حكمة ..

لقد منح الله الانسان خيارات عدة في استكشاف العالم من حوله والوصول الى الله في نهاية المطاف .. لكن ازدحام الدنيا بالملذات واهمية الاستعانة بالفلاترالايمانية للتعايش مع التحديات جعلت الناس في كبد كما قالها الله عزوجل ( خلق الانسان في كبد) فهل كبد العيش حكرا على الالم والصعوبات ام هو تداخل الرغبات البشرية في كل ماهو امامها من الملذات التي بالرغم منها لا يشعرالانسان بالسعادة  مكتملة المذاق في اعماقه..

 لذلك تظل الروحانية هي الشفاء الذي لا بديل له وهي الوسيلة الاقوى للعلاقة بين الانسان وخالقه .. ولكل انسان رب يعبده ولكن ليس كل الارباب سواء فهل من يعبد غير الله يجد الروحانية ويعتقد بها ولكنه لا يستطيع اقناعنا بها ؟ هل وجد المسلمون فرصة كافية ليستشعرو ايمانهم بمعزل عن الوعظ المكثف او الماديات الجافة او سطوة ذو النفوذ والسلطة على وعيهم ؟ وهل التساؤل يقودنا الى الله ؟ وهل هو منهج حياة يتخذه المؤمنين بجدية ام ان هناك تعارض بين مصالح اصحاب النفوذ والسلطة على الارض وعلاقة البشر بربهم ؟ هل يريد هؤلاء اشغالك بعبادة قوتهم وسلطتهم ام ان اخلال العلاقة بينك وبين السؤال كفيلة بأن تعيقك عن الروحانية فتظل عبدا كادحا لهم ؟

التساؤل لا ينتهي في كل نفس بشرية طفلا كان ام كهلا .. الروحانية ليست منتجات للبيع والشراء بل هي هالات حقيقية للحرية التي تنبع من الخصوصية  بينك وبين الله وليس بالضرورة ان يعلم بها احد يكفي ان تستشعر الروحانية وتتشبث بها فأنت من خلالها بمعية الله في حالة نادرة وفريدة لا يمكن اختزالها بكلام او توجيهات تقيد حرية التساؤل لديك ..

قد نظن ان الحديث شارف على الانتهاء ولكنه في الحقيقة للتو بدأ في وعي كل قارئ ابى الا ان يتسأل عما قرأ ولكن في اعماقه ..


تحياتي

Irvine, California

الجمعة، 5 مايو 2017

اجندات شخصية في مجتمعنا



بطرح سؤال مثير ستحصل على اكثر مما تريد ..

وهذا ما حدث حين طرحت سؤال مثير للتفكير والتفاعل في حسابي على سناب شات . السؤال كالتالي:

لو غابت عنك مراقبة مجتمعك وقيوده ماهي اهم ثلاث افعال ستقدم على انجازها ؟

تصدرت الاجابات التالية معظم اراء المتابعات:

1- خلع النقاب
2- خلع الحجاب
3- خلع العباءة
4- السفر لوحدي
5- السكن لوحدي
6- التعرف على صداقات من الجنس الاخر بحدود معينة

بعد اعلان هذه النتائج على المتابعين وتعليقي على حرية التساؤل حول كل ماورد في قائمة الاجابات , اتت ردود الافعال مختلفة:

- هناك من انطلقن للذود عن الحجاب وانه ما لا يجب النقاش فيه ولا طرح اي سؤال حوله لاعتقادهن ان السؤال والحوار حوله هو اعلان عن نزعه ..

- هناك من اعترفو انه مورس في حقهم مصادرة طرح الاسئلة لاعتقاد ولاة امرهم انه بوابة للفساد ..

وحين علقت شخصيا ان الانسان من حقه ان يتسائل وهذا منهج قراني كانت ردود البعض على الخاص: 
 ان التساؤل لا يكون في امور محسومة شرعا وانما علينا التنفيذ بدون نقاش ..

هذه عينة لا تعكس حكم عام على المجتمع لكنها وصلتني عبر شريحة البعض منها تتصف انها لا تقرأ او لا تمارس القراءة بشكل مستمر ليرتفع منسوب الفلاتر الفكرية لديها بل هي تقرأ وفق متطلبات الحال الذي تعيشه ..

من الاجابات المميزة التي حصلت عليها كانت التالية :

( حينما قرأت السؤال ابتسمت وظننت انه خفيف لطيف ولكنني اكتشفت انه بقدر بساطة امنياتي وانها مباحة الا انني اتحسر في كوني اعيش بطريقة فرضتها علي اراء وقوالب اناس اخرين لا اعرفهم ولا يعرفوني ..)

من التعليقات الطريفة التي اخبرتني عنها احدى العقليات النيرة  فيما يتعلق بأهمية طرح الاسئلة واثارة التفكير والبحث عن الاجابات عبر القراءة وليست جاهزة من عقول تصدرها وفق اجنداتها الشخصية ..مايلي :

( الموضة الجديدة للكسالى تقول: لن اقرأ لأني اخاف على عقيدتي وديني ,, وهي في الواقع تخدع وتفضح نفسها بهذه المقولة لأنها تدل على جهل متأصل وهشاشة عقلها وضعف ثقتها بنفسها ووعيها ..) 

- وهناك فئة صاغت جوابها على هيئة رأي يؤمن ان القيود ليست مجتمعية بل هي الرقابة الذاتية لذلك هم لا يعتقدون ان المجتمع مقيد لحرياتهم .. ومن ذلك ما ذكرت طالبة دكتوراه من ان المجتمع لا يقيدها فهي لم تلزم نفسها بعلاقات اجتماعية متشعبة وتقوم بممارسة ما يسعدها وهي مثار تساؤل ممن حولها في نجاحها لما وصلت اليه رغم مسئوليات الامومة وهي تعزي ذلك الى انها اعطت نفسها حقها وتستفيد من وقتها وهو ليس للمجاملات اما الضابط لاختياراتها في حياتها هو الرقابة الذاتية وعلاقتها مع الله هي من تضع لها الحدود وليس المجتمع ..

لعلي هنا اطرح الاكثر تفاعلا وتباينا في الاجابات بشئ من التفصيل  وهي المجموعة التي اعترفت بوجود القيود ولديها اشبه ما يكون بأجندة شخصية خفية تطمح لتنفيذها فور غياب هذه القيود المجتمعية .. اليكم الامثلة :

- نساء يعتقدن ان النقاب والحجاب والعباءة هي قيود اجتماعية بل البعض وصفها بأنها قيد عن احتضان الحياة والعيش بعفوية , هي قيود عن ركوب الدراجة والاستمتاع بالهواء الطلق على حد تعبير احداهن ركوب الدراجة يحسسني بالحياة , الاستمتاع بالمشي والهرولة والجري بحرية وعفوية ..

- بالمقابل هناك رجال ايضا ارادو التحرر من ارتداء ملابس اظهار الهوية الخليجية مثل ( الشماغ والعقال ) وايدو ايضا رغبة النساء في الانطلاق بالدراجات بكل عفوية في الشوارع ..

- النساء المشاركات في الاجابة على السؤال ذكرن ايضا اهمية قيادة السيارة والبعض حددن المدن اللاتي يرغب في قيادة السيارة فيها..

- السفر والترحال لأكثر من دولة ايضا كان من الطموحات المدرجة في الاجندات الشخصية .. والسفر الفردي كان واضح المعالم هناك اكثر من امرأة ترغب في السفر لوحدها لتخلو مع نفسها بعيدا عن كل المؤثرات .. مصافحة المارة والغرباء بكل عفوية والتحدث معهم بدون توجس وخوف ..

- النساء ايضا يرغبن في العيش والسكن بمفردهن .. هناك اكثر من شخصية اكدت على رغبتها في الدراسة والعمل والسكن لوحدها..

- هناك من ذكرت رغبة دفينة لها ولازالت هاجسا ملحاً ان تعمل كعارضة ازياء وتعترف ان مواصفاتها الجسدية الان غير ملائمة لكن هذا الطموح لازال حاضر في اجندتها ..

- ومن السيدات المربيات من تنتظر زوال القيود والعيش بحرية هي وبناتها بلا ولي او ولاية والسفر للعالم .. وتعليم اطفالهن الجيتار والبيانو بل ان البعض لديهن طموح فتح معهد موسيقى في السعودية لو تحررت هي من القيود المجتمعية .. واخرى تعتقد ان ظهورها في برنامج تلفزيوني بالمظهر الذي يناسبها هو غير مناسب لمجتمعها حاليا لذلك هو طموح ينتظر التحقق في الوقت المناسب ..

- ومن الرجال من يطمح ان يصرح بما يجول في خاطره من افكار يرغب ان يتحدث بحرية وانطلاقة بلا قيود مجتمعية تعيق انطلاقتها ..

- هناك نساء ذكرن انهن بلا قيود مجتمعية سيعيشون بشخصياتهم الحقيقية لا المتوارية خلف النقاب ..

- ايضا هناك سيدة تشعر ان الجماعات الغير مسلمة لها حق حرية التعبد عبر بناء الكنائس في مجتمعها المقيد لحرية المعتقد ..

- وهناك امرأة تريد ان تفتتح مقهى خاص تديره بنفسها وجميع منتجاته من صناعتها وباشرافها الشخصي , وترغب في التواصل مع زبائنها بشكل مباشر لتقف على كل تفاصيل مشروعها وتفاعل الناس مع ما تصنعه بكل اريحية وعفوية ..

- هناك من ترغب في الغناء بصوت مسموع وبفرح .. واخرى ترغب في الدخول في علاقة عاطفية .. وثالثة ترغب في سماع الاغاني بدون شعور بالذنب ..

- التحرر لدى البعض وصف بأنه التخلص من القيود والاحكام ..

- وفي زاوية الرغبة في التخلص من الولي والولاية ذكرت احداهن ان سبب تلك الرغبة هو العيش بمفردها بشكل مستقل والسفر للدراسة والارتباط بشخص من جنسية مختلفة تم رفضه من قبل اهلها على الرغم من انه شخص مناسب بالنسبة لها ..

ويبقى سؤال اخير : هل نحن مُقيدين بالمجتمع او نحن المُقيدين للمجتمع ؟

تحياتي
لبنى