الجمعة، 18 نوفمبر 2016

المرأة التي تقود السيارة في كل دول العالم الا في بلادها






في احدى صباحات مغامرة العيش في الولايات المتحدة الامريكية والمسلمين قد تعرضو لتهديد من رئيسها القادم دونالد ترامب .. كنت قد التقيت بسائق من شركة أوبر من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يسمع ولا يتكلم وبدا يخاطبني عبر شاشة الكترونية سوداء تشبه السبورة يكتب عليها تعليقاته حول سوء برنامج تحديد الموقع والذي ترتب عليه تأخره في الوصول الى العميل بالوقت المناسب بسبب ماحدث معي ومعه في ذلك الصباح .. كانت تجربة جديدة بالنسبة لي حيث ان سائقين شركة أوبر في الغالب يستلطفون التعرف على الركاب الذين يقلونهم ليعرفو اكثر عن دولتهم التي اتو منها عبر النقاش والحوار خصوصا في ولاية مثل كاليفورنيا .. انتهت رحلتي مع ذلك السائق الطيب في الوقت المناسب ..

ونظرا لحاجتي الى رحلة جديدة مع شركة أوبر فقد طلبتها لتكون في هذه المره القائدة امرأة وفي الغالب حين تكون سيارة أوبر بقيادة امرأة فإنني افضل الركوب في المقعد الامامي لأتعرف اكثر على حال المرأة هنا ولماذا هي سائقة أوبر ولمناقشة امور اخرى تتعلق بجوانب الحياة تقع في مساحة اهتمامي .. حين فتحت باب السيارة للركوب الى جانبها بدى لي بعض اغراضها الشخصية على الكرسي لأن الركاب في الغالب يختارون المقعد الخلفي وحين سألتها عن موافقتها او ممانعتها للركوب الى جانبها رحبت كثير واخبرتها لاحقا عن سبب هذا الاختيار .. وبسبب تفضيلي في الركوب في المقعد الامامي اذا كانت فقط سائقة وليس سائق اخبرتني ان هناك شركة امريكية جديدة انطلقت قبل شهرين مخصصة للسائقات والراكبات فقط ولا يسمح للرجال السائقين او الراكبين باستخدامها احببت الفكرة وسألتها عن مزيد من التفاصيل فأخبرتني ان هناك فتاة بعمر التاسعة عشر كانت تناقش والدها ليسمح لها بالانضمام الى اسطول أوبر كسائقة فما كان من والدها الذي يخشى عليها الا ان أسس هذه الشركة ليحافظ على ابنته من التعرض لنماذج من الرجال لا يستلطف اقترابهم من ابنته .. وتحول طلب الفتاة وخوف والدها عليها الى مشروع اسعد الكثير من النساء اللاتي يفضلن خصوصية التعامل مع المرأة .. وحيث انني وصلت الى المحطة التي طلبت ان توصلني اليها هذه السائقة اللطيفة فقد ودعتها وكنت سعيدة بفكرة التطبيق الجديد والذي يحمل اسم :

See Jane Go


وبعد ان وصلت لمعهد اللغة الذي ادرس فيه حصل بعض النقاشات في الفصل الذي يجمعني بغالبية عظمى من الطلاب والطالبات الصينيين .. وحيث ان بعضهم شعرو بالحماس لسؤالي لأول مره رغم اننا نحضر يوميا في الفصل الصباحي الاول ولكن لا وقت للاسئلة والنقاشات حتى اتى هذا اليوم .. سألوني : من اين أنت ؟ اجبتهم : من السعودية .. سألتني احداهن بينما الاخرى تراقب بحماس كيف سأجيب على سؤال زميلتها .. سألتني : هل تقود النساء السيارة في بلادكم ؟ ابتسمت واجبت : لا لا تقود المرأة السعودية السيارة في بلادنا فقط في خارجها .. سألت الاخرى : وكيف تتنقل المرأة للعمل وقضاء التزاماتها ؟ اجبتها : لدى كل بيت سعودي من يقوم بالمهمة اما احد افراد العائلة من الرجال واما سائق مخصص لهذه المهمة .. سألتني : هل تقودين السيارة هنا في امريكا ؟ اجبت : انني في طور الحصول على رخصة القيادة قريبا ..  سألتني : هل تعلم دولتك انك تقودين السيارة خارجها ام هذا سر لا تعلم عنه الدولة ؟ اجبتها : لا طبعا الدولة تعلم ان المرأة السعودية تقود في كل دول العالم وفقا لقوانين الدول التي تتواجد فيها ولكننا لا نقود السيارة في بلادنا .. اطالت النظر ثم قالت : اذن انتم تفعلون ما هو ممنوع في دولتكم في اي مكان بالعالم انتم خارجها احرار .. ابتسمت وقلت لها : في بلادي شعب طيب كريم جدا لو زرت وطني سيرحب بك الجميع ويستضيفك بكل حفاوة في بيته وسترين منهم أجمل ما يستطيعون تقديمه لك ... ابتسمت وقالت : اشعر بالحماس لأزور بلادكم واتعرف عليها من الداخل ... وانتهى النقاش لانتهاء الوقت المخصص للمادة الدراسية وتفرقنا في غرف دراسية اخرى ..

في رأيي الشخصي ان البرمجة السلبية تجاه قيادة المرأة السعودية للسيارة في مضمونها تشبه تماما معاناة النساء في العالم للحصول على منصب قيادي تؤثر فيه .. المرأة في العالم في نظر البعض كائن مخيف يحل معها الشيطان والشر اينما حلت لأن تمكينها بلا رقيب يدمر العالم .. ورغم هذه النظرة تجاه المرأة لازالت تحب ان تتحمل المسئولية وتنجب اطفالا يكبرون ليحاكموها ويتهمونها بالمحدودية والقصور .. لست تشاؤمية ولكن زادت خبرتي ورأيت ماهو خارج الاطار الذي تم احاطتي به في التعليم والتربية والمجتمع ..

لهِؤلاء اقول ان المرأة  كيان جبار وليست كائن فقط انها دولة وليست بيت صغير تائه على الكرة الارضية .. المرأة مستمرة في رحلة كفاحها للحصول على المساحة الفكرية والنفسية والجغرافية لتقف وتصنع من كفاحها قصة حضارة .. شخصيا فخورة بما اراده الله لي بأن أكون امرأة اثرت في الكثير ممن قابلتهم وفي اكثر من مجتمع واوسع من حدود جغرافية مرسومة .. الشهادات لم تصنع صلاحي وتأثيري الايجابي بل هداية الله لي بأن اتبع تساؤلاتي لأصل بكل حرية اليه .. الحمدلله الذي يسر لي النور بعد الظلام والعلم بعد الجهل والحرية بعد القيد الفكري .. الحرية اقرب مما تتخيلون عابرة رغم كل القوانين والحدود والسياسات لأن #القراءة_حرية

انتهى


الاثنين، 23 مايو 2016

قبل ان تصبح مدرباً في التنمية البشرية





من خلال خبرتي الممتدة قرابة عمري بـأكمله والذي لا تعرفه رقمياً ولكن لك ان تبحث عنه في المصادر المناسبة في وزارة التربية والتعليم وعلى منصات التواصل الاجتماعي  حيث  تلتقي بمن التحقو معي في برامجي التدريبية المكثفة المباشرة وكانت كلها مخصصة للنساء في مراحل عمرية مختلفة , او عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتجدد المنصات التى عملت عليها بشكل مستمر للتواصل مع المتدربين والمتدربات الذي لا يقفون على عتبة قراءة كلمات مكتوبة برصانة او بزخرفة فلسفية بل ذهب البعض وهذا الأهم لأكثر من ذلك الى حيث يجب ان يكون المتعلم والمتدرب والعالِم والمُدرب في عالم السؤال ..

عمدت الى استخدام اسلوب التدريب المثير للتفكر والتساؤل والتحليل والتأمل والمزيد من الاكتشاف في كوامن الذات البشرية , منهجيتي في ذلك تراكمت عبر خبرات متعددة في التأمل منذ سنوات عمر طفولية مبكرة تلتها اسئلة ملّحه للعثور على اجابات عبر وسائل عدة :
 الوالدين , افراد الأسرة , المدرسة , الاقران ثم المجتمع ..
 الا ان رحلة التساؤل بطبيعتها لا تهدأ لذا قادتني الى القراءة التي لم تجد حظها الكافي والمحترم في التعليم العام ولا التعليم الجامعي فكان السبيل اليها عبر القراءة الحرّه والتى قادتني الى البحث عن المزيد من العلم لحضور الدورات التدريبية المتاحه قبل اكثر من عشر سنوات من عهدنا الحالي 2016 وتلك الدورات مع نهاية كل واحده منها ينفتح باب جديد للتساؤل ونهم معرفة المزيد من الخطوط العريضة الى السطور الدقيقة , فكانت القراءة الحرة وحضور الدورات التدريبية هما ادوات الساعة في ذلك الوقت , انتهى بي الحال الى تنوير مستمر لشخصي انعكس على اسرتي وابعد مما توقعت ان يقود الى التساؤل , عمّ الخير ارجاء عالمي فكانت التبعات الرسمية لذلك التساؤل هو التحول الوظيفي من التعليم العام الى التدريب في وزارة التربية والتعليم كمؤسس شريك في ادارة التدريب التربوي التي تحولت بفضل الله وحماس كادرها التدريبي الى بيت خبرة ومرجع لمنسوبات وزارة التربية والتعليم ومركز استشارات رافد لبعض الابحاث العلمية , العمل التدريبي في هذه الادارة كان مكثف بدرجة عدديه اكثر منها نوعية باستثناء الاجتهاد الشخصي لتطوير البرامج الفردية كل مدربة على حده..


بعد هذا التكدس الخبراتي المعرفي التدريبي كان لابد من رفع سقف التوقعات الذاتية لشخصي لأعود مجددا لدراسة الماجستير في لغة وثقافة مختلفة حيث كانت في بريطانيا ..

الخلاصة لما سبق من خبرتي الشخصية:
- التأمل 
- التساؤل 
- البحث 
- القراءة
- التدريب
- نقل الخبرة 
- التفرغ للتدريب 
- الاحترافية في التخصص
- التطوير المستمرللمعلومات والمهارات
- احترام مهنة التدريب ومسئوليتها


ماذا عنك انت ايها المتحمس والمتحمسة لأن تصبحو مدربين ؟

سأورد لكم خمس نقاط إجمالية تفتح افاقكم للتفكير مجددا في الدخول لعالم التدريب بإحترافية ام تجديد خياراتكم :


اولا: أنتم بحاجه لتجربة خبرة تطوير شخصية لمهاراتكم في حل مشكلة او اكتساب مهارة او تغيير عادة اي انكم بحاجه للعيش بتحدي يثبت انكم قادرين على تجاوزه بجدارة , حتى تكتشفون صدق همتكم في تحمل تبعات هذا العمل الذي تفوق  قيمة عطاءه مليارات الريالات .. بمعنى النية الصادقة في التحسين والتطوير تسبق الرغبة الملحّه في تكديس الاموال..

ثانيا: من لديه قدرة على تغيير ذاته ويريد ان يصبح مدرباً عليه تقبُل الرغبة في مشاركة الاخرين للنجاحات والتجارب .. بمعنى ان تعطي رغبة في العطاء تفوق الرغبة في الأخذ وبتواضع المتعلم مدى الحياة .. العلم بحر يتجدد ويتسع بنشره ..

ثالثا: اكتساب عادة القراءة وانتقائية ما تقرأ هي مهارة لازمة للمدربين المحترفين في مجال التخصص تحديدا وماحول التخصص ويتداخل معه .. بمعنى اقرأ في مجال التدريب والتخصص الدقيق لموضوعات التدريب وايضا اقرأ في مجالات قد ترتبط بمجالك الدقيق ليزداد تمكُن وثقة المدرب في نفسه .. كما ان المصادر الاخرى للمعلومات مفيدة الا ان القراءة هي الاداة الاكثر نضجاً في التغيير والتأثير.. 

رابعاً: الالتحاق بأكثر من برنامج تدريب مدربين حتى يكون لديك نماذج متنوعة من اساليب التدريب مع الحرص على البرامج التي يقدمها مدربين محترفين ناجحين من خلال قراءة سيرهم الذاتية , والعالم الحالي اكثر انفتاحا في مصادره من السابق .. هم نماذج وليسو قاعدة ثابتة لك حيث بداخلك عالم قد يكون اكثر تمكن في حال تم الاعتناء به وتطويره بعد اكتشافه ..

خامساً: يجب ان يكون لكل مدرب ومدربة رسالة خاصة في التدريب وكذلك قيم يؤمن بها وتشكل هويته في التدريب وايضا اهداف واضحة ومرسومة يسعى لتحقيقها .. مثل انجاز عدد معين من الدورات التدريبية مع الاهتمام بالجودة لأنها العلامة الفارقة في مستويات المدربين , او الهدف حيث الرغبة في العمل مع جهات معينة لتقديم برامج تدريبية متخصصة في زمن معين .. وغيرها من اهداف خاصة للمدرب ..

ماورد من السطور السابقة هي مقدمة بسيطة لعالم واسع وكبير من إحداث التغيير في الفرد والمجتمع والتدريب وسيلة واحدة فقط ..
دمتم بخير

لبنى القرعاوي

باحثة , خبيرة ومستشارة في التدريب والتطوير لأكثر من 15 سنة في الواقع وعالم الشبكات الاجتماعية 

الجمعة، 6 مايو 2016

أمومة الذكرى




تمر بنا لحظات لا نرفض فيها واقعنا بل نخلق فيها واقعا جديد بإختياراتنا الحريصة 

والحذرة على ان يكون كل شئ قدر الامكان على ما يرام , نحن والأسرة وافراد 

الاسرة وتفاصيل يوميات الأسرة وكل ما يجعلنا نعيش في الحياة هو حكاية أسرة .. 

ومع الأسرة هناك جملة من الذكريات متموجة في الحضور تأتينا ساعة وتغيب عنا 

ساعات اكثر .. وتؤكدها منامات نستيقظ منها سعداء حتى توجعنا الحقيقة ان المنام هو

 ذكرى جميلة .. نعم هو منام توثيق لما عشناه في الحقيقة لكنه منام انتهى كما انتهت

 معه الذكرى بكل مكوناتها الخاصة العبقة بتفاصيل ومشاعر وافعال وردود الافعال

 واشخاص وابطال وكومبارس .. كم هي عبقة تلك الذكريات أنها مشهد محبوك الصنع

 قبلنا به كما هو في سياق حدوثه .. كلما تقادمت الذكريات كلما تقادم الحنين وفتر .. 

حنين الذكريات الاولى اصبح باهتا خصوصا حين يكون سبب بهتانه هو نشوء 

ذكريات حسّنت من اختياراتنا في الحياة .. حينها نستبدل الحنين القديم بحنين اكثر حداثة

 منه .. هكذا بعملية تلقائية تفرضها ذائقة الشعور التي تحرص على انتقاء الذكرى 

الجميلة وبروزها على مسرح المشاعر ..

تعلمنا وتدربنا كمتحمسين لفهم ذواتنا واكتشاف العالم عبر القراءة والدورات التدريبية 

كيف نخرج من حالة شعورية انفعالية سلبية الى حالة شعورية انفعالية اكثر هدوء .. 

تعلمنا وعلمنا غيرنا .. اسعدنا نفسنا وغيرنا .. لكن لا يمكن ايقاف الحنين اللذيذ للذكرى

 التي مرت علينا مسالمة آمنه ولماذا نوقفها .. ؟ هل لأن اللحظة الواقعية انتهت..ام ان

 من خداع النفس ان نعيش على منصة شعورية هشه تستحضر ذكرى قديمة او 

متوسطة القدم ام لأن  حقيقة الذكرى انها ارشيف لا يمكن العيش فيه مجددا فلماذا اثارة 

مالم يكن العيش به من جديد .. فهل البشر يعيشون في الذكرى اذن من هو المنتج في الواقع ؟

من اقوى مثيرات الحنين للماضي هو انك فقدت شيئا في حاضرك ولا تملك طاقة تخيل

 المستقبل في لحظة شعورية يتضخم فيها الاحتياج لشعور محدد  لذا تكون الاسعافات

 الاولية لشعور الاحتياج هو الاستنجاد بالذكرى لتتلطف باحتياجنا وتحتويه تطمئنه انها 

وان انقضت لكنها باقية في المخيلة ولايزال الاحتياج قادر على زيارتها كطفل صغير

 تائه عن والدته ولكنه سيكبر في اي لحظة شعورية ليغادر الذكرى الى الحاضر

 ويتركها مجددا مع بقية الذكريات المصطفه بانتظار استدعاء من احتياج شعوري جديد 

يجعل من الذكرى أماً تحتضن لحظة احتياج وكأنه طفلها الصغير الذي يذكرها لحاجته 

اليها لا بره بها .. فهل يبر الناس بذكرياتهم ؟


ابتسمو فقد تمكنا على الاقل من دفئ الذكرى وان كانت لا تعود كما عشناها الا انها لا

 تهجرنا تماما .. ونحن بكل تفاصيلنا الموغلة بالتقدير العالي لذواتنا قد لا نكون سوى 

ذكرى باهتة لآخرين .. انت واقع حقيقي مفعم بالحماس والانجاز ولكن في ذاكرة

 احدهم ذكرى باهتة .. هل اوجعك نصيبك من الذكرى ؟ الحقيقة هو ليست هكذا دائما 

لكن في حياة الناس ما يفوق استرجاعهم لذكرى وجودك في حياتهم .. كن بخير وسلام 

هذه اهم حقيقة تحتاجها في كل عصر وزمن ..

لبنى ..