الجمعة، 6 مايو 2016

أمومة الذكرى




تمر بنا لحظات لا نرفض فيها واقعنا بل نخلق فيها واقعا جديد بإختياراتنا الحريصة 

والحذرة على ان يكون كل شئ قدر الامكان على ما يرام , نحن والأسرة وافراد 

الاسرة وتفاصيل يوميات الأسرة وكل ما يجعلنا نعيش في الحياة هو حكاية أسرة .. 

ومع الأسرة هناك جملة من الذكريات متموجة في الحضور تأتينا ساعة وتغيب عنا 

ساعات اكثر .. وتؤكدها منامات نستيقظ منها سعداء حتى توجعنا الحقيقة ان المنام هو

 ذكرى جميلة .. نعم هو منام توثيق لما عشناه في الحقيقة لكنه منام انتهى كما انتهت

 معه الذكرى بكل مكوناتها الخاصة العبقة بتفاصيل ومشاعر وافعال وردود الافعال

 واشخاص وابطال وكومبارس .. كم هي عبقة تلك الذكريات أنها مشهد محبوك الصنع

 قبلنا به كما هو في سياق حدوثه .. كلما تقادمت الذكريات كلما تقادم الحنين وفتر .. 

حنين الذكريات الاولى اصبح باهتا خصوصا حين يكون سبب بهتانه هو نشوء 

ذكريات حسّنت من اختياراتنا في الحياة .. حينها نستبدل الحنين القديم بحنين اكثر حداثة

 منه .. هكذا بعملية تلقائية تفرضها ذائقة الشعور التي تحرص على انتقاء الذكرى 

الجميلة وبروزها على مسرح المشاعر ..

تعلمنا وتدربنا كمتحمسين لفهم ذواتنا واكتشاف العالم عبر القراءة والدورات التدريبية 

كيف نخرج من حالة شعورية انفعالية سلبية الى حالة شعورية انفعالية اكثر هدوء .. 

تعلمنا وعلمنا غيرنا .. اسعدنا نفسنا وغيرنا .. لكن لا يمكن ايقاف الحنين اللذيذ للذكرى

 التي مرت علينا مسالمة آمنه ولماذا نوقفها .. ؟ هل لأن اللحظة الواقعية انتهت..ام ان

 من خداع النفس ان نعيش على منصة شعورية هشه تستحضر ذكرى قديمة او 

متوسطة القدم ام لأن  حقيقة الذكرى انها ارشيف لا يمكن العيش فيه مجددا فلماذا اثارة 

مالم يكن العيش به من جديد .. فهل البشر يعيشون في الذكرى اذن من هو المنتج في الواقع ؟

من اقوى مثيرات الحنين للماضي هو انك فقدت شيئا في حاضرك ولا تملك طاقة تخيل

 المستقبل في لحظة شعورية يتضخم فيها الاحتياج لشعور محدد  لذا تكون الاسعافات

 الاولية لشعور الاحتياج هو الاستنجاد بالذكرى لتتلطف باحتياجنا وتحتويه تطمئنه انها 

وان انقضت لكنها باقية في المخيلة ولايزال الاحتياج قادر على زيارتها كطفل صغير

 تائه عن والدته ولكنه سيكبر في اي لحظة شعورية ليغادر الذكرى الى الحاضر

 ويتركها مجددا مع بقية الذكريات المصطفه بانتظار استدعاء من احتياج شعوري جديد 

يجعل من الذكرى أماً تحتضن لحظة احتياج وكأنه طفلها الصغير الذي يذكرها لحاجته 

اليها لا بره بها .. فهل يبر الناس بذكرياتهم ؟


ابتسمو فقد تمكنا على الاقل من دفئ الذكرى وان كانت لا تعود كما عشناها الا انها لا

 تهجرنا تماما .. ونحن بكل تفاصيلنا الموغلة بالتقدير العالي لذواتنا قد لا نكون سوى 

ذكرى باهتة لآخرين .. انت واقع حقيقي مفعم بالحماس والانجاز ولكن في ذاكرة

 احدهم ذكرى باهتة .. هل اوجعك نصيبك من الذكرى ؟ الحقيقة هو ليست هكذا دائما 

لكن في حياة الناس ما يفوق استرجاعهم لذكرى وجودك في حياتهم .. كن بخير وسلام 

هذه اهم حقيقة تحتاجها في كل عصر وزمن ..

لبنى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق