الخميس، 29 نوفمبر 2018

لا ضير في ان تكون شخصاً عادياً





ما المانع في ان تكون شخصا ناجحاً في معاييرك عادياً في المعايير العالمية ومقاييس الذكاء والجمال والثراء .. ما المانع ان تكون مغمورا في زمن اصبح الكل طافحاً على السطح في تزاحم الوقوف على " قمة المستعجلين " وما المانع في ان نكافئ الناجحين المستعجلين بالتصفيق والشهرة على قمتهم لاعلى قمة الإبداع والابتكار التي تضيف للتنمية البشرية عمقاً جديداً  ..

 لماذا نُمجّد عُجالة المستعجلين ونملأ بها ارجاء الإعلام المستعجل هو الاخر.. ان حضور هؤلاء لوّث طمأنينة النظر للإبداع في كينونته .. الإبداع الذي يثير بداخلنا الف سؤال وسؤال ويقود تأملاتنا الى حيث نضيف نحن لعقولنا بُعداً اخر يجعل من العالم بالنسبة لنا عالم #مختلف .. 

لقد أربك الإعلام وعينا بحضورالمستعجلين الذي يطحن حضورهم مساحات يستحقها العاديين من البشروالمبدعين على حد سواء .. أصبحت تُروى امام وعينا كل يوم حكاية لا يجب لها ان تنتهي لان نهايتها هو نهاية مصدر رزق صاحبها ذلك المُبدع المُزيف المُستعجل .. المُبدع الذي استعار صفة الإبداع ليُلبسها لأفعاله وينثر الرماد في وجه "الجودة" تلك التي يراها البعض وكأنها عجوز شمطاء في عالمنا العربي لكنها الفاتنة العميقة عند حضارات أخرى .. ولعل المكرر من ردود البعض من المستعجلين " طيب لا تتابعونا اذا ما اعجبناكم " و " ماحد اجبرك تضيفني على السوشيال ميديا وتتابعني " والحقيقة ان هؤلاء يعتقدون ان المتصل بالإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي قادر على دفن اثرهم بعيدا عنه ولا يدركون انهم باتو يظهرون في كل زوايا تواجد الانسان لأن الإعلام جعل منهم محتوى وعجينة يصنع منها المعلومة بقالب تكثيف الانتشار فإذا كان مُوفقاً كما يجب لجلب الأنظار له ومعها الأموال فهو سيكرر تصدير القوالب ويبتكر ما يشبهها لطالما هناك عقول تستقبل اكثر مما تنتج .. الاعلام التقليدي والجديد اتفقا دون اجتماع على ان يكون المحتوى لكليهما من ذات المصدر وكل هذا يحدث لأجل هدف واحد : سرقة وعينا الثمين الذي سيجلب معه الكثير من الاموال والسيطرة والاستهلاك ..

وعلى مرفئ اخر من مرافئ المحتوى الرسمي التثقيفي الموثق بسنوات من الجهد والحضور والتقييم تقف مؤسسات التعليم في هذا الزمن وهي تكابد العيش في نهضة جديدة خارج سيطرتها وتشعرها بالغربة في عقر دارها والتي لم ولن تستعد لها يوما.. وقد لاح لخيالي تجسيد حال الجامعات بعد عشر سنوات من الان وقد تحولت من جامعات رسمية الى جامعات فردية  فكل فرد الان لديه قوة كافية لصناعة المحتوى الذي يوّثق ويرسخ من بعده جامعة شخصية متفردة بتفرد الانسان ذاته فهل ياترى ستكون جامعاتنا العربية الفردية المستقبلية قادرة على مجابهة جامعات فردية من حضارات اخرى ؟ 
هل ستكون الهوية مشوهة ؟ وهل يوجد هوية عالمية ؟ هل ستنجو هويتنا البشرية والانسانية مما هو قادم ؟ 


حين تكون شخص عادي متمرحل في نجاحاتك لكنك ذا قيمة في انسانيتك فأنت تحمي هذا العالم من انقراض هويتنا كبشر .. الإبداع سيصل ويحدث خارج مؤسسات التعليم وداخلها ويحدث في كل وقت ولكنه يتراكم الى ان يتشكل بهوية يمكن تعريفها ووصفها وتجربتها وقياسها من اجل تقييمها .. 

اما قمة المستعجلين فهي فقاعة الصابون في تحديثها الجديد .. ولا أجمل من تسمية النجاحات بمسمياتها الطبيعية المسالمة التي لا تثير الحماس الى المنافسة الهدّامة احيانا فنحن بحاجه لبشر بمواصفات إنسانية طبيعية لا بشر بمواصفات روبوت يقودون جيل من الروبوتات البشرية ...

 لا نتطلع لمزيد من النسخ كل ما نريده كبشر عاديين ان يكون التشابه حاضر في القيم  و #الاختلاف يرسم معالم الفكر والسلوك في الإحساس بقيمة إنسانية الاخر وفي حقوق الإنسانية بكل تفاصيلها بغض النظر عن المساحة الجغرافية واسمها وحدودها ..

 قوانين الله واضحة وبسيطة نزلت من السماء لكل البشر العاديين قبل ان يتم تجفيف انسانيتهم وتجميد احساسهم وحشرهم وحشوهم في قوالب الألقاب والهويات الدنيوية ... نريد حياة طبيعية المنافسة فيها مرتبطة بالاخرة المحفوفة بالرحمة والمحاسبة لا التي كان يجلدنا بها المتزمتين لإذلال وعينا لهم لا لنرتبط بخالقنا وخالقهم وحتى لا ينتهي بنا الحال الى الحروب والدمار والتدمير الذاتي للقيم .. لا نريد ان نُعين الشيطان الذي باتت مهمته سهلة اكثر من السابق .. لسنا ملائكة ولسنا شياطين نحن بشر بمواصفات واضحة ومحددة ولم يتركنا الله في ضياع وتيه منذ ان خلقنا الى ان يبعثنا من جديد .. ماكتبته هنا هو استفاقة داخلية قد تشبه شيء ما في داخلك او #تختلف .. المهم كن بخير لأجلك ولأجل العالم ..

20 نوفمبر 2018 ايرفاين كاليفورنيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق