من منا
لم ينعت نفسه يوما بالغبي بل ولأيام وسنوات ومواقف معتقدا ان ما مر به كان غباء
متمرحل او ربما مكرر .. فهو الغبي في الفصل بين من يحصدون قمة القوائم بدرجات
كاملة تجعلهم لا يبدون اغبياء اطلاقا .. الى ان يصل المستشعر لغبائه مرحلة يعتقد
انها الفاصلة والحاسمة لقدره القادم حتى يموت .. يُحدّث نفسه : " بمثل مستوى هذا الغباء
الذي امتلكه فإن التخصصات الجامعية المتاحة لي محدودة وهذا يقلل من حيرتي بعكس
الاذكياء الذين يستطيعون ان يتخصصون في مجالات الاذكياء والاغبياء على حد سواء" ويمتد العمر ويتخرج المقتنع بغبائه من تخصصه الغبي متوقعاً ان يعمل بوظيفة هي
الأخرى غبية تافهة .. وبعد الدخول في معترك الخبرة العملية يكتشف الواحد منا ان ما
كان يظنه غباء سابقا هو هين مقارنة بما يحدث له الان وماهو قادم .. فالتنافس على
المناصب يتسلق اليه الاذكياء اجتماعيا او اذكياء الخبرة المتراكمة اما متعددي او
مسترسلي الغباء فهم لايزالون يفكرون بطريقة غبية يخجلون حتى من مناقشتها مع العامة
فهم يختارون شركاء الغباء ليتشاورون مع بعضهم البعض عن غبائهم ويسترون عيوب غبائهم
الذي يعتقدون انه لن يتغير ..
وفي
رحلات الغباء الممتدة يلتقي اشخاص دون ان يعلمون انهم مشتركين في شيء من الغباءات
المتعددة مثل غباء عدم المطالبة بالحق , غباء التخصص في علم غير ممتع لهم وغباء
القبول بما هو متوافر بدل من صنع ماهو جديد ويلبي احتياجات حقيقية .. وينتهي الحال
بمن يعتقدون ان النسبة الأعظم من لحظاتهم كانت في خانة الغباء وقد تقدم بهم السن
ومع هذا الهدوء الجسدي والوهن في العظم يسترجع هؤلاء جماعات او فُرادى كم من غباء
عاشو فيه وربما يسترجعون كم كان غباء منهم انهم اعتقدو فعلا انهم اغبياء ولكن
اعتقادهم الجديد انه ليس لديهم متسع من الوقت للعودة من جديد والعيش في شريط الاحداث
والحياة مع فهم مختلف لماهية الذكاء والغباء .. يبتسمون بحسرة وينتظرون من سيقتل
الذكاء والغباء في آن واحد حيث الموت يحسم كل التساؤلات ويخرسها في العقل والقلب
ليهدأ كل شيء ويعم السكون في الكون ..
تمت كتابة هذه التدوينة في مدينة ايرفاين في ولاية كاليفورنيا الامريكية
6
ديسمبر 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق