الأحد، 30 ديسمبر 2018

العنصرية الانتقائية




العنصرية هي أداة للتمييز بتطرف بين الأعراق ,, حين نصف احدهم بالابيض او الأسود على سبيل المثال لا الحصر فهل المقصود هو الوصف العرقي ام اننا نشجع على التمييز العنصري ؟
لكن صاحب البشرة البيضاء هو يملكها بالفعل وصاحب البشرة السمراء هو يملكها بالفعل وليس لأي منهما خيار في اللون فهذه صفات خلقية اختارها الخالق لهما .. اذن ربما العنصرية هي ابعد من الوصف العرقي الى ربط العرق بصفات تكرهها النفس .. ولكن ماذا لو ارتبط الوصف العرقي بصفات إيجابية فهل يا ترى سنشجع على الفخر بالعرق ونجعله يتفوق على العنصرية ؟ ولكن التشبث بتطرف لعرق معين قد يأخذ صاحبه لذات الدائرة التي نحاول ان نحللها بلطف رغم قتامة معناها في الذاكرة البشرية ..
فلنجرب بعض الصياغات التي تعكس الوصف العرقي بصفات إيجابية غير متعارف عليها:
المثال الأول:
اليوم التقيت بشخصية خفيفة الظل هي سمراء داكنة وشعرها شديد التموج جعلتني قادرة على الخروج من حالتي البائسة يوم ان ظننت ان لا شيء في الحياة يستحق ان أعيش لأجله ..
السؤال : هل شعرت انك تصف حالة غير معتادة ام انك شخص منفتح على الحقائق ومتقبل وجودها ومتعايش معها ؟

المثال الثاني:
في احدى صباحات العمل قابلني رجل مرتب ومهندم في شكله ظننته مديري الذي لم التقي به بعد .. بشرته بيضاء ويحمل بعض صفات سكان شرق اسيا في البداية كنت اظنه مغمضا عينيه لكن فاجأني بكلمات ترحيبية بلغتي الأم ويبدو انه كان يقرأها من ورقة ولكنني لم انتبه لحركة يده .. كان شخصا محترما ..
السؤال: هل الوصف أوحى لك بشئ من السخرية ام ان المتحدثة تود اخبارك بتفاصيل توضح أسباب تصرفات معينة لديها فيما لو أكملت الحديث ؟

المثال الثالث:
سافرت قبل شهرين بالطائرة وجلست الى جانبي سيدة كبيرة في السن تتحدث بلهجة جنوبية لم اسمعها من قبل حاولت ان افهم ما تحاول ايصاله لي لكنني فشلت وكنت في حيرة من امري هل اكتفي بالاستماع ام أحاول اخبارها بحقيقة عدم فهمي للهجتها المختلفة عن لهجتي .. ولكن السيدة بدت لي ملامحها طيبة وحنونة ..
السؤال : هل الوصف قادك للتركيز على اختلاف اللهجات ام انشغال المتحدثة بكيفية تواصلها مع السيدة الجالسة بجوارها ؟

المثال الرابع :
كان لدي مراجعة في احد فروع شركة اتصالات وحين جلست امام احد المكاتب الخالية انتظر الموظف انشغلت بجهازي لبعض الوقت ثم سمعت صوت ضعيف وصغير يسألني: كيف اقدر اخدمك ؟ في البداية ظننت انه ابن احد الموظفين لكن اتضح لي انه موظف جسده صغير وقامته قصيرة ولكن وجهه بشوش ومريح ابتسمت له و .....
السؤال: هل المتحدث يذكر صفات خلقية ام انه يورد ما لا يعكس توقعاته في بيئة عمل ؟

كل ما سبق قد تقرأه كوصف عرقي وخلقي لا يمت للعنصرية بصلة وأيضا تملك ان تضيف له في مخيلتك أصوات ومؤثرات تؤكد لك انه عنصرية لا يختلف عليها اثنان يقدرون الصفات الإنسانية في ارقى اوصافها ..

لبنى
كاليفورنيا – ايرفاين
24 يسمبر – 2018


الأحد، 23 ديسمبر 2018

الذكريات المقرمشة


بعض الذكريات تفتح شهيتك للحياة ففي كل مره تستعيدها بشكل عارض وبدون تهيئة نفسية مسبقة فانك تجد نفسك مبتسما ومتشبثا بشعور الذكرى التي لها قدرة التكرار في مخيلتك لا في واقعك لأنه مزدحم هو الاخر بتكوين وتكديس ذكريات ستستعيدها في المستقبل .. وهكذا تحتفظ كل ذكرى لذيذة بشهيتها التي تشبه نشوة المقرمشات بصوتها وطعمها مقارنة بمذاقات اخرى لا يصدر منها صوت وثقيلة في مكوناتها على المعدة والذاكرة في آن معاً ..


الذ الذكريات المقرمشة تلك التي لم تستعيدها كثيرا وتشعر ان في استرجاعك لها لأول او ثاني مره انها طازجة وقرمشتها الشعورية عالية منعشة تجعلك تنطلق في الابتسامة والضحكات احيانا بل وتحريض شركاء الذكرى بالمشاركة في تبهير القرمشة في محاولة لحقن يومك بمشاعر خاصة تم تكوينها والعيش فيها مسبقا ولا يمكن اضافة اي تعديلات عليها بإستثناء اطالة الحديث عنها والتأمل في حدوثها وتكوينها وسياقها لعل وعسى ان تجعل الذكرى المقرمشة لحظتك الحالية ذكرى مستقبلية مقرمشة ايضا ..


لبنى
كاليفورنيا- ايرفاين

٢٣ ديسمبر ٢٠١٨

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018

الغباءات المتعددة



من منا لم ينعت نفسه يوما بالغبي بل ولأيام وسنوات ومواقف معتقدا ان ما مر به كان غباء متمرحل او ربما مكرر .. فهو الغبي في الفصل بين من يحصدون قمة القوائم بدرجات كاملة تجعلهم لا يبدون اغبياء اطلاقا .. الى ان يصل المستشعر لغبائه مرحلة يعتقد انها الفاصلة والحاسمة لقدره القادم حتى يموت .. يُحدّث نفسه : " بمثل مستوى هذا الغباء الذي امتلكه فإن التخصصات الجامعية المتاحة لي محدودة وهذا يقلل من حيرتي بعكس الاذكياء الذين يستطيعون ان يتخصصون في مجالات الاذكياء والاغبياء على حد سواء" ويمتد العمر ويتخرج المقتنع بغبائه من تخصصه الغبي متوقعاً ان يعمل بوظيفة هي الأخرى غبية تافهة .. وبعد الدخول في معترك الخبرة العملية يكتشف الواحد منا ان ما كان يظنه غباء سابقا هو هين مقارنة بما يحدث له الان وماهو قادم .. فالتنافس على المناصب يتسلق اليه الاذكياء اجتماعيا او اذكياء الخبرة المتراكمة اما متعددي او مسترسلي الغباء فهم لايزالون يفكرون بطريقة غبية يخجلون حتى من مناقشتها مع العامة فهم يختارون شركاء الغباء ليتشاورون مع بعضهم البعض عن غبائهم ويسترون عيوب غبائهم الذي يعتقدون انه لن يتغير ..

وفي رحلات الغباء الممتدة يلتقي اشخاص دون ان يعلمون انهم مشتركين في شيء من الغباءات المتعددة مثل غباء عدم المطالبة بالحق , غباء التخصص في علم غير ممتع لهم وغباء القبول بما هو متوافر بدل من صنع ماهو جديد ويلبي احتياجات حقيقية .. وينتهي الحال بمن يعتقدون ان النسبة الأعظم من لحظاتهم كانت في خانة الغباء وقد تقدم بهم السن ومع هذا الهدوء الجسدي والوهن في العظم يسترجع هؤلاء جماعات او فُرادى كم من غباء عاشو فيه وربما يسترجعون كم كان غباء منهم انهم اعتقدو فعلا انهم اغبياء ولكن اعتقادهم الجديد انه ليس لديهم متسع من الوقت للعودة من جديد والعيش في شريط الاحداث والحياة مع فهم مختلف لماهية الذكاء والغباء .. يبتسمون بحسرة وينتظرون من سيقتل الذكاء والغباء في آن واحد حيث الموت يحسم كل التساؤلات ويخرسها في العقل والقلب ليهدأ كل شيء ويعم السكون في الكون ..

تمت كتابة هذه التدوينة في مدينة ايرفاين في ولاية كاليفورنيا الامريكية
6 ديسمبر 2018

الخميس، 29 نوفمبر 2018

لا ضير في ان تكون شخصاً عادياً





ما المانع في ان تكون شخصا ناجحاً في معاييرك عادياً في المعايير العالمية ومقاييس الذكاء والجمال والثراء .. ما المانع ان تكون مغمورا في زمن اصبح الكل طافحاً على السطح في تزاحم الوقوف على " قمة المستعجلين " وما المانع في ان نكافئ الناجحين المستعجلين بالتصفيق والشهرة على قمتهم لاعلى قمة الإبداع والابتكار التي تضيف للتنمية البشرية عمقاً جديداً  ..

 لماذا نُمجّد عُجالة المستعجلين ونملأ بها ارجاء الإعلام المستعجل هو الاخر.. ان حضور هؤلاء لوّث طمأنينة النظر للإبداع في كينونته .. الإبداع الذي يثير بداخلنا الف سؤال وسؤال ويقود تأملاتنا الى حيث نضيف نحن لعقولنا بُعداً اخر يجعل من العالم بالنسبة لنا عالم #مختلف .. 

لقد أربك الإعلام وعينا بحضورالمستعجلين الذي يطحن حضورهم مساحات يستحقها العاديين من البشروالمبدعين على حد سواء .. أصبحت تُروى امام وعينا كل يوم حكاية لا يجب لها ان تنتهي لان نهايتها هو نهاية مصدر رزق صاحبها ذلك المُبدع المُزيف المُستعجل .. المُبدع الذي استعار صفة الإبداع ليُلبسها لأفعاله وينثر الرماد في وجه "الجودة" تلك التي يراها البعض وكأنها عجوز شمطاء في عالمنا العربي لكنها الفاتنة العميقة عند حضارات أخرى .. ولعل المكرر من ردود البعض من المستعجلين " طيب لا تتابعونا اذا ما اعجبناكم " و " ماحد اجبرك تضيفني على السوشيال ميديا وتتابعني " والحقيقة ان هؤلاء يعتقدون ان المتصل بالإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي قادر على دفن اثرهم بعيدا عنه ولا يدركون انهم باتو يظهرون في كل زوايا تواجد الانسان لأن الإعلام جعل منهم محتوى وعجينة يصنع منها المعلومة بقالب تكثيف الانتشار فإذا كان مُوفقاً كما يجب لجلب الأنظار له ومعها الأموال فهو سيكرر تصدير القوالب ويبتكر ما يشبهها لطالما هناك عقول تستقبل اكثر مما تنتج .. الاعلام التقليدي والجديد اتفقا دون اجتماع على ان يكون المحتوى لكليهما من ذات المصدر وكل هذا يحدث لأجل هدف واحد : سرقة وعينا الثمين الذي سيجلب معه الكثير من الاموال والسيطرة والاستهلاك ..

وعلى مرفئ اخر من مرافئ المحتوى الرسمي التثقيفي الموثق بسنوات من الجهد والحضور والتقييم تقف مؤسسات التعليم في هذا الزمن وهي تكابد العيش في نهضة جديدة خارج سيطرتها وتشعرها بالغربة في عقر دارها والتي لم ولن تستعد لها يوما.. وقد لاح لخيالي تجسيد حال الجامعات بعد عشر سنوات من الان وقد تحولت من جامعات رسمية الى جامعات فردية  فكل فرد الان لديه قوة كافية لصناعة المحتوى الذي يوّثق ويرسخ من بعده جامعة شخصية متفردة بتفرد الانسان ذاته فهل ياترى ستكون جامعاتنا العربية الفردية المستقبلية قادرة على مجابهة جامعات فردية من حضارات اخرى ؟ 
هل ستكون الهوية مشوهة ؟ وهل يوجد هوية عالمية ؟ هل ستنجو هويتنا البشرية والانسانية مما هو قادم ؟ 


حين تكون شخص عادي متمرحل في نجاحاتك لكنك ذا قيمة في انسانيتك فأنت تحمي هذا العالم من انقراض هويتنا كبشر .. الإبداع سيصل ويحدث خارج مؤسسات التعليم وداخلها ويحدث في كل وقت ولكنه يتراكم الى ان يتشكل بهوية يمكن تعريفها ووصفها وتجربتها وقياسها من اجل تقييمها .. 

اما قمة المستعجلين فهي فقاعة الصابون في تحديثها الجديد .. ولا أجمل من تسمية النجاحات بمسمياتها الطبيعية المسالمة التي لا تثير الحماس الى المنافسة الهدّامة احيانا فنحن بحاجه لبشر بمواصفات إنسانية طبيعية لا بشر بمواصفات روبوت يقودون جيل من الروبوتات البشرية ...

 لا نتطلع لمزيد من النسخ كل ما نريده كبشر عاديين ان يكون التشابه حاضر في القيم  و #الاختلاف يرسم معالم الفكر والسلوك في الإحساس بقيمة إنسانية الاخر وفي حقوق الإنسانية بكل تفاصيلها بغض النظر عن المساحة الجغرافية واسمها وحدودها ..

 قوانين الله واضحة وبسيطة نزلت من السماء لكل البشر العاديين قبل ان يتم تجفيف انسانيتهم وتجميد احساسهم وحشرهم وحشوهم في قوالب الألقاب والهويات الدنيوية ... نريد حياة طبيعية المنافسة فيها مرتبطة بالاخرة المحفوفة بالرحمة والمحاسبة لا التي كان يجلدنا بها المتزمتين لإذلال وعينا لهم لا لنرتبط بخالقنا وخالقهم وحتى لا ينتهي بنا الحال الى الحروب والدمار والتدمير الذاتي للقيم .. لا نريد ان نُعين الشيطان الذي باتت مهمته سهلة اكثر من السابق .. لسنا ملائكة ولسنا شياطين نحن بشر بمواصفات واضحة ومحددة ولم يتركنا الله في ضياع وتيه منذ ان خلقنا الى ان يبعثنا من جديد .. ماكتبته هنا هو استفاقة داخلية قد تشبه شيء ما في داخلك او #تختلف .. المهم كن بخير لأجلك ولأجل العالم ..

20 نوفمبر 2018 ايرفاين كاليفورنيا

الاثنين، 19 نوفمبر 2018

بين واقعك وواقع الاخرين




استهلال للحوار معك : 


كلماتي هذه للتذكير لكل من اغلق على نفسه دائرة التمني وبقي فيها يتحسر عن حراك العالم من حوله وهو لازال يعتقد ان القيود اكثر من الفرص .. 

دعني اخبرك عن السبب الحقيقي لشعورك وهو مقارنة انجازاتك بإنجازات الاخرين بدلا من "مقارنة انجازاتك ببعضها البعض" لذلك لديك قناعة عظيمة بأن انجاز ما لم يخلق لك ولأمثالك .. وحال كهذا الحال هو منك واليك لم يتدخل فيه احد .. ودعني اذكرك ايضا انه ربما تكون هناك مؤثرات سابقة حاضرة في قناعاتك لكن انتبه لواقعك اليوم فأنت قابل للتحرر مما يؤذيك وقادر ان تفهم اكثر عن من تكون واعتقد اننا نعيش في زمن من المخجل ان نقول فيه "لا اعرف ماذا أفعل" .. فكثير من مفاتيح التغيير متناثرة هنا وهناك وكثير من أبواب التغيير تفتح كل ثانية للبشر في أنحاء العالم .. فعلى سبيل المثال : لو أخبرتك انه بعد ٣ سنوات ستطرق باب التغيير في حياتك فرصة يُشترط فيها معرفتك او إتقانك للغة جديدة عليك فهل تظن انك ستبدأ الان في التعلم ؟ 

سأتركك تغرق في تأملاتك فأنت الأعرف عن ذاتك ولن يتفوق عليك احدهم مهما بلغ من التحليل والفهم ..


ومجددا ربما سيتركك العالم قابع لوحدك مع التمني الشاحب فلا احد يبحث عن المشاركة في الموت بينما الحياة مفتوحة أمامه فالإنسان الباحث عن الحياة هو مؤمن بإيجابية وجوده والثروات من حوله ولا يعرف دائرة التمني خاصتك بل هو منطلق الى عالم التجربة والمحاولة يسعى ان يجد له مكانة كبقية المنجزين فكلهم تجمعهم المثابرة على المحاولة بينما انت تجتمع مع بقية الدوائر الحزينة التى فقدت فتيل الحماس للحياة لأنك قبلت بكل حماقة قناغة ان الحياة لا تتجدد وان #الاختلاف ليس قانون كوني .. لقد صدّقت من أوهموك بأن فرص الحياة لديك انتهت ووجودك في دائرة التمني مسألة وقت حتى يدفنو جسدك وتنتهي بالنسبة لهم للأبد .. هل تخيلت فعلا انك ميت ؟ إذن من الذي يقرأ كلماتي ولازال يتفاعل معها وربما بكى من وجع الوصف؟ انه انت .. نعم انت ولازال في داخل صدرك قلب ينبض بالرغبة في الحياة ولازالت روحك تنتفض كعصفور نجى من العطش الذي كاد ان يودي بحياته .. انظر لذاتك هل شعرت بالخجل من تصرفاتك وتأثرك بتبعات ممارستها .. ماذا لو رفعت نظرك الى السماء هل تذكرت ان لنا رب علاّم الغيوب ويمنحنا كل يوم فرصة للعيش من جديد .. هل شعرت بخجل خاص لم تشعر به من سنين ؟ هل هو الخجل من مغدق النعم علينا الذي جعل فرصة العيش تتدفق في حياتك الى ساعة قراءة كلماتي وربما اكثر؟ ان الله يحتوي اخطائنا وتوبتنا فما بالك بخجلنا منه .. ابتسم بإمتنان عظيم لحصولك على فرص عيش متتالية وكن شجاع ببساطة البدء بالمحاولة والتجربة ستجد انك بالفعل خرجت من دائرة التمني الى الحياة الارحب .. 


قفلة حرية الاختيار بين واقعك وواقع الاخرين:

اذا كنت لاتزال تقارن انجازاتك بإنجازات الاخرين فأنت امام اكثر الخيارات الرائجة وهي ان تتحرك الان الى الحياة او ان تحكم إغلاق دائرة التمني عليك اكثر من السابق لتذبل من تخطيطك لتدمير نفسك وعدم تقدير نعم العيش بأمان وفي كامل صحتك ولديك ما يسد جوعك ويستر جسدك ..


كن بخير وسلام


لبنى



ايرفاين كاليفورنيا


٢٥-١٠-٢٠١٨

الأحد، 21 مايو 2017

الروحانية جنة الله في الدنيا




الروحانية ذلك الشأن الفردي الخاص الذي نحن بحاجة ماسه اليه ولا يمكن ان يمنحه لنا انسان ذا سلطة اومال ..
هل الروحانية سلطة تفوق سلطة اصحاب النفوذ والمال اولئك المتحكمين بالبشر ومصائرهم بقراراتهم التي تزيدهم نفوذا وسطوة ؟
هل الروحانية عالم عميق وغزير لا يصل اليه الا الزهاد والربانيون الذين تفوق نسبة انشغالهم بالمشاعر السامية والعلاقة الاكبر نفوذا مع الله  على  اهتماماتهم بالماديات وترف الحياة ؟
واذا كانت الروحانية شفاء لكثير من العلل النفسية ومأسي الضعفاء فهل المساكين والضعفاء في تيه عن طريق الروحانية الذي سيحررهم ؟
هل بالروحانية ينتصر الانسان على ما يرهق احتماله في هذا العالم المتداخل بالمصالح والسيطرة والقرار ؟
وهل وهل وهل بل المزيد من الاسئلة التي يفتقد حضورها من هو بحاجة لها ,, فهل هناك رابط بين التساؤل والشعور بالروحانية ؟
السؤال الاخير كان مثار استقطاب لعقول المتابعين لحسابي على السناب شات فكانت الاجابات كالتالي:

 كلما زادت روحانية الشخص قلت رغبته بالجدال .. ثم طرح  المتابع هذا السؤال:  هل الشخص الروحاني واعي ؟ وهل الوعي يقود للروحانية ؟

 ومتابع اخر يعتقد ان التساؤل محله العقل للحصول على الاجابة اما الروحانية فهي في القلب ولكن عارضه متابع  اخر على هذه الاجابة فقال: ان التساؤل معرفة ويشعرك بالروحانية وهو مفتاح العلم وتحفيز الذهن كما ان شعور الروحانية يزداد بالتساؤل .. وفي نفس مدار الفكرة اجابت متابعة ان افكارها تزداد في الترابط بسبب التساؤل وهذا الترابط يعزز شعورها بالروحانية والطمأنينة حيث ختمت اجابتها : بمجرد ان تجد الجواب لتساؤل يقلقك فإن مكان ما بداخلك سيرتاح ..

 وهناك من اجاب ان اقرب مثال ونموذج  للروحانية والتساؤل هو الرسول صلى الله عليه وسلم وتساؤلاته التي طرحها على نفسه في غار حراء وجلوسه ليبحث ويتامل..

ثم أكدت احدى المتابعات على الاجابات السابقة كالتالي:  كنت استقي المعلومة الدينية كما هي واكررها قول وفعل بدون استشعار او تساؤل عن سبب الامر او الحث على فعله وكنت اشعر اني وحيدة ضعيفة بل كنت اشعر انني استمد قوتي من الخلق وقربهم لي اكثر من الخالق علما انني اقوم بالكثير من العبادات من ترديد الاذكار والاستغفار والصلاة ولكن منذ سنتين بدأت اقرأ وتغيرت نظرتي للأمور والان اشعر انني اقرب الى الله واكثر راحه وقوة وبالفعل بالتساؤل والقراءة فهمت جوهر الدين..


وعلى صعيد الاختلاف في الوصول الى الروحانية هناك اجابة تقول: الان اصبحت استشعر انه كلما زادت روحانيتي وعمق علاقتي وحبي الحقيقي لله كلما زادت تساؤلاتي وشغفي لمعرفته والتفكر في اوامره ونواهيه والحكمة منها وهذا يقودني لحب عظيم له وايمان انه واحد احد..

و من الاجابات المختصرة تلك التي تقول ان كلا التساؤل والروحانية يحملان الجمال والدهشة عندما نتوسع فيهما..

وعززتها هذا المضمون اجابة مختصرة اخرى : التساؤل يقود للروحانية..

وبطريقة تحليلية قد تبدو فلسفية اجابت احدى المتابعات: بأن الاسئلة مفتاح للاجوبة لأنها تصلنا بالعمق الذي يفتح لنا اجابات اكثر واكثر .. لا اعرف كيف اصف شعوري لكن اشعر اننا في مكان ما داخل اعماقنا جميعنا متصلين ببعض ومتصلين بالله لنصل الى السكينة والروحانية..



واعلق على ما تفضل به البعض من تأمل في السؤال وأبعاده بأن الاجابات حملت في طياتها المزيد من الاسئلة التي تبدو بوابة كبيرة وضخمة يحتاج اليها الناس ولا يتحدثون عنها الا قليلا فالروحانية ولفترة ليست بالبعيدة اعتقد البعض انها حكرا على المتدين الذي يُظهر تدينه بطريقة لافتة لمن يفكر في طرح سؤال ديني حيث ان بعض المتدينيين  يُكثر من سرد الادلة والبراهين الوعظية التى يقحمها في سياق حديثه احيانا ليقحم معها فكرته في عقل المتلقي الذي امامه والذي بدوره هو اما متفاعلا دون رغبة او مغيبا عن حريته الحقيقية التي يحركها السؤال الذي حرك الانبياء والرسل واهتماماتهم وهو اداة لتوسيع العقل ولغة حوار مع الله , حيث لكل حدث سبب ولكل رأي حكمة ..

لقد منح الله الانسان خيارات عدة في استكشاف العالم من حوله والوصول الى الله في نهاية المطاف .. لكن ازدحام الدنيا بالملذات واهمية الاستعانة بالفلاترالايمانية للتعايش مع التحديات جعلت الناس في كبد كما قالها الله عزوجل ( خلق الانسان في كبد) فهل كبد العيش حكرا على الالم والصعوبات ام هو تداخل الرغبات البشرية في كل ماهو امامها من الملذات التي بالرغم منها لا يشعرالانسان بالسعادة  مكتملة المذاق في اعماقه..

 لذلك تظل الروحانية هي الشفاء الذي لا بديل له وهي الوسيلة الاقوى للعلاقة بين الانسان وخالقه .. ولكل انسان رب يعبده ولكن ليس كل الارباب سواء فهل من يعبد غير الله يجد الروحانية ويعتقد بها ولكنه لا يستطيع اقناعنا بها ؟ هل وجد المسلمون فرصة كافية ليستشعرو ايمانهم بمعزل عن الوعظ المكثف او الماديات الجافة او سطوة ذو النفوذ والسلطة على وعيهم ؟ وهل التساؤل يقودنا الى الله ؟ وهل هو منهج حياة يتخذه المؤمنين بجدية ام ان هناك تعارض بين مصالح اصحاب النفوذ والسلطة على الارض وعلاقة البشر بربهم ؟ هل يريد هؤلاء اشغالك بعبادة قوتهم وسلطتهم ام ان اخلال العلاقة بينك وبين السؤال كفيلة بأن تعيقك عن الروحانية فتظل عبدا كادحا لهم ؟

التساؤل لا ينتهي في كل نفس بشرية طفلا كان ام كهلا .. الروحانية ليست منتجات للبيع والشراء بل هي هالات حقيقية للحرية التي تنبع من الخصوصية  بينك وبين الله وليس بالضرورة ان يعلم بها احد يكفي ان تستشعر الروحانية وتتشبث بها فأنت من خلالها بمعية الله في حالة نادرة وفريدة لا يمكن اختزالها بكلام او توجيهات تقيد حرية التساؤل لديك ..

قد نظن ان الحديث شارف على الانتهاء ولكنه في الحقيقة للتو بدأ في وعي كل قارئ ابى الا ان يتسأل عما قرأ ولكن في اعماقه ..


تحياتي

Irvine, California

الجمعة، 5 مايو 2017

اجندات شخصية في مجتمعنا



بطرح سؤال مثير ستحصل على اكثر مما تريد ..

وهذا ما حدث حين طرحت سؤال مثير للتفكير والتفاعل في حسابي على سناب شات . السؤال كالتالي:

لو غابت عنك مراقبة مجتمعك وقيوده ماهي اهم ثلاث افعال ستقدم على انجازها ؟

تصدرت الاجابات التالية معظم اراء المتابعات:

1- خلع النقاب
2- خلع الحجاب
3- خلع العباءة
4- السفر لوحدي
5- السكن لوحدي
6- التعرف على صداقات من الجنس الاخر بحدود معينة

بعد اعلان هذه النتائج على المتابعين وتعليقي على حرية التساؤل حول كل ماورد في قائمة الاجابات , اتت ردود الافعال مختلفة:

- هناك من انطلقن للذود عن الحجاب وانه ما لا يجب النقاش فيه ولا طرح اي سؤال حوله لاعتقادهن ان السؤال والحوار حوله هو اعلان عن نزعه ..

- هناك من اعترفو انه مورس في حقهم مصادرة طرح الاسئلة لاعتقاد ولاة امرهم انه بوابة للفساد ..

وحين علقت شخصيا ان الانسان من حقه ان يتسائل وهذا منهج قراني كانت ردود البعض على الخاص: 
 ان التساؤل لا يكون في امور محسومة شرعا وانما علينا التنفيذ بدون نقاش ..

هذه عينة لا تعكس حكم عام على المجتمع لكنها وصلتني عبر شريحة البعض منها تتصف انها لا تقرأ او لا تمارس القراءة بشكل مستمر ليرتفع منسوب الفلاتر الفكرية لديها بل هي تقرأ وفق متطلبات الحال الذي تعيشه ..

من الاجابات المميزة التي حصلت عليها كانت التالية :

( حينما قرأت السؤال ابتسمت وظننت انه خفيف لطيف ولكنني اكتشفت انه بقدر بساطة امنياتي وانها مباحة الا انني اتحسر في كوني اعيش بطريقة فرضتها علي اراء وقوالب اناس اخرين لا اعرفهم ولا يعرفوني ..)

من التعليقات الطريفة التي اخبرتني عنها احدى العقليات النيرة  فيما يتعلق بأهمية طرح الاسئلة واثارة التفكير والبحث عن الاجابات عبر القراءة وليست جاهزة من عقول تصدرها وفق اجنداتها الشخصية ..مايلي :

( الموضة الجديدة للكسالى تقول: لن اقرأ لأني اخاف على عقيدتي وديني ,, وهي في الواقع تخدع وتفضح نفسها بهذه المقولة لأنها تدل على جهل متأصل وهشاشة عقلها وضعف ثقتها بنفسها ووعيها ..) 

- وهناك فئة صاغت جوابها على هيئة رأي يؤمن ان القيود ليست مجتمعية بل هي الرقابة الذاتية لذلك هم لا يعتقدون ان المجتمع مقيد لحرياتهم .. ومن ذلك ما ذكرت طالبة دكتوراه من ان المجتمع لا يقيدها فهي لم تلزم نفسها بعلاقات اجتماعية متشعبة وتقوم بممارسة ما يسعدها وهي مثار تساؤل ممن حولها في نجاحها لما وصلت اليه رغم مسئوليات الامومة وهي تعزي ذلك الى انها اعطت نفسها حقها وتستفيد من وقتها وهو ليس للمجاملات اما الضابط لاختياراتها في حياتها هو الرقابة الذاتية وعلاقتها مع الله هي من تضع لها الحدود وليس المجتمع ..

لعلي هنا اطرح الاكثر تفاعلا وتباينا في الاجابات بشئ من التفصيل  وهي المجموعة التي اعترفت بوجود القيود ولديها اشبه ما يكون بأجندة شخصية خفية تطمح لتنفيذها فور غياب هذه القيود المجتمعية .. اليكم الامثلة :

- نساء يعتقدن ان النقاب والحجاب والعباءة هي قيود اجتماعية بل البعض وصفها بأنها قيد عن احتضان الحياة والعيش بعفوية , هي قيود عن ركوب الدراجة والاستمتاع بالهواء الطلق على حد تعبير احداهن ركوب الدراجة يحسسني بالحياة , الاستمتاع بالمشي والهرولة والجري بحرية وعفوية ..

- بالمقابل هناك رجال ايضا ارادو التحرر من ارتداء ملابس اظهار الهوية الخليجية مثل ( الشماغ والعقال ) وايدو ايضا رغبة النساء في الانطلاق بالدراجات بكل عفوية في الشوارع ..

- النساء المشاركات في الاجابة على السؤال ذكرن ايضا اهمية قيادة السيارة والبعض حددن المدن اللاتي يرغب في قيادة السيارة فيها..

- السفر والترحال لأكثر من دولة ايضا كان من الطموحات المدرجة في الاجندات الشخصية .. والسفر الفردي كان واضح المعالم هناك اكثر من امرأة ترغب في السفر لوحدها لتخلو مع نفسها بعيدا عن كل المؤثرات .. مصافحة المارة والغرباء بكل عفوية والتحدث معهم بدون توجس وخوف ..

- النساء ايضا يرغبن في العيش والسكن بمفردهن .. هناك اكثر من شخصية اكدت على رغبتها في الدراسة والعمل والسكن لوحدها..

- هناك من ذكرت رغبة دفينة لها ولازالت هاجسا ملحاً ان تعمل كعارضة ازياء وتعترف ان مواصفاتها الجسدية الان غير ملائمة لكن هذا الطموح لازال حاضر في اجندتها ..

- ومن السيدات المربيات من تنتظر زوال القيود والعيش بحرية هي وبناتها بلا ولي او ولاية والسفر للعالم .. وتعليم اطفالهن الجيتار والبيانو بل ان البعض لديهن طموح فتح معهد موسيقى في السعودية لو تحررت هي من القيود المجتمعية .. واخرى تعتقد ان ظهورها في برنامج تلفزيوني بالمظهر الذي يناسبها هو غير مناسب لمجتمعها حاليا لذلك هو طموح ينتظر التحقق في الوقت المناسب ..

- ومن الرجال من يطمح ان يصرح بما يجول في خاطره من افكار يرغب ان يتحدث بحرية وانطلاقة بلا قيود مجتمعية تعيق انطلاقتها ..

- هناك نساء ذكرن انهن بلا قيود مجتمعية سيعيشون بشخصياتهم الحقيقية لا المتوارية خلف النقاب ..

- ايضا هناك سيدة تشعر ان الجماعات الغير مسلمة لها حق حرية التعبد عبر بناء الكنائس في مجتمعها المقيد لحرية المعتقد ..

- وهناك امرأة تريد ان تفتتح مقهى خاص تديره بنفسها وجميع منتجاته من صناعتها وباشرافها الشخصي , وترغب في التواصل مع زبائنها بشكل مباشر لتقف على كل تفاصيل مشروعها وتفاعل الناس مع ما تصنعه بكل اريحية وعفوية ..

- هناك من ترغب في الغناء بصوت مسموع وبفرح .. واخرى ترغب في الدخول في علاقة عاطفية .. وثالثة ترغب في سماع الاغاني بدون شعور بالذنب ..

- التحرر لدى البعض وصف بأنه التخلص من القيود والاحكام ..

- وفي زاوية الرغبة في التخلص من الولي والولاية ذكرت احداهن ان سبب تلك الرغبة هو العيش بمفردها بشكل مستقل والسفر للدراسة والارتباط بشخص من جنسية مختلفة تم رفضه من قبل اهلها على الرغم من انه شخص مناسب بالنسبة لها ..

ويبقى سؤال اخير : هل نحن مُقيدين بالمجتمع او نحن المُقيدين للمجتمع ؟

تحياتي
لبنى